تدابير الحماية الإدارية للمال العام ومكافحة الفسـاد
التمهيد:
المال
العام معرض للاعتداءات أكثر من المال الخاص, ومن الصور الشائعة لهذه الاعتداءات,
السرقة,
والاختلاس, والابتزاز, والاستغلال, والاستخدام بدون وجه حق والتربح من الوظيفة,
والإتلاف, وتدني الجودة, وسوء الاستخدام وعدم سداد حقوق الدولة ومـا في حكم ذلك.
وهذا
يرجع إلى أن المسئول عن حماية المال العام هم جموع المسلمين فهي مسئولية شائعة,
بينما المسئول عن حماية المال الخاص المالك الفرد الذي من فطرته حماية ماله ولو
قتل في سبيل ذلك.
ولقـد
حرمت الشريعة الإسلامية كل صور الاعتداء على المال العام, وفرضت الحدود ووضعت
التعزيرات لمن تسول له نفسه القيام بذلك سوءاً كان حاكمـاً أو محكومـاً في إطار
ضوابط معينه.
كمـا
يقع على ولي الأمر(الحاكم) في الدولة الإسلامية مسئولية إدارة وحماية المال العـام
من خلال النظم والإجراءات, وإنشاء الأجهزة اللازمة لذلك وقـد طبق ذلك في عهـد
الرسول صلى الله عليه وسلم , والخلفاء الراشدين ومن تبعهم بإحسان, وبذلك انخفضت
نسبة الاعتداء على المال العام إذا مـا قورنت بما هو واقع في الوقت الحاضر.
وترجـع
أسباب الاعتداء على المال العام في الوقت الحاضر إلى ضعف القيم الإيمانية, وانتشار
الفساد الأخلاقي والاجتماعي, والاقتصادي, والسياسي, وعدم تطبيق أحكام ومبادئ
الشريعة الإسلامية فكون المال العام هو ملك المجتمع فهو أكثر الأموال تعرضاً
للضياع والهلاك والاعتداء عليه لأنه مملوك لمجموع الناس وليس لفرد بعينه,كما إن
المال العام تحت تصرف الموظف العام الذي هو في حقيقة الأمر لايملك هذا المال
ولايدافع عنه دفاع المالك فهو إذا يتطلب حماية أكثر من المال الخاص.
وتأسيسـاً
على ما سبق فقد أعطى الإسلام اهتماما خاصـا لحماية المال العام, وأنشأت الأجهزة
الحكومية المنوطة بذلك مثـل: نظام الحسبة, وديوان البريد, وديوان زمام الأزمة,
وديوان المظالم, ونحو ذلك من الأجهزة المعاصرة وهذا يرجع إلى أن الاعتداء على
المال العام هو اعتداء على مجموع الأفراد والمجتمع.
وعلى
مـر العصور و ألازمنه يتعرض المال العام للاعتداءات وهذه الاعتداءات وان تغيرت في
الشكل والطريقة والأسلوب إلا أن مضمونها واحد, فهي تتمثل في استئثار أحـد الأفراد
بالمنفعة وحده بدون حق أو انتزاع ملكيتها من مجموع الناس بدون وجه حق أو سوء
استخدامها أو إتلافها, أو عدم أداء ما عليه من حقوق الدولة أو التربح من العمل أو
الوظيفة, أو إضاعة الوقت بدون منفعة معتبرة شرعـاً, ونحـو ذلك.
فالمال
العام كما سبق تعريفه: ( ما تكون ملكيته للناس جميعاً أو لمجموعة منهم, ويكون حق
الانتفاع منه لهم, دون أن يختص به أو يستغله أحد لنفسه).
وبينا
أن الأموال العامة إما أن تكون مملوكة للدولة بصفتها مسئولة عن تقديم الخدمات
للجميع وإما باعتبارها المسئولة عن إدارة كل شئون المجتمع وأمواله نيابة عنه.
وتعد
عملية حماية المال العام إحدى المتطلبات التي تستلزمها تدابير الشأن العام والحياة
العامة الموكلة إلى جهة الإدارة.
ومن
أجل التحكم في حماية المال العام التي تتوزعها سلطات الدولة الثلاث التشريعية
والتنفيذية والقضائية, وللسيطرة على ضعف التنسيق بين الجهات المختصة بحماية المال
العام لابد من إيجاد قنوات ووسائل للاتصال فيما بينها والابتعاد عن الرقابة
الشكلية والحماية الشكلية وتفعيل دور الرقابة الذاتية في المرفق العام أو بين هذه
الجهات وتحديد جزاءات واتخاذ تدابير عقابية ووقائية حتى نكون أمام ترجمة حقيقية
وواقعية ومؤثرة على تدابير حماية المال العام وبالتالي ينعكس ذلك على دور الدولة
في إدارة الشأن العام في جميع الجوانب والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية
وإشراك المجتمع بكافة شرائحه وخاصة الإعلام والصحافة ومنظمات المجتمع المدني حتى
تحمي المال العام من الفساد والعبث والتلاعب والإهمال والتقصير.
وبذلك
تكون قد وجهت المجتمع للقيام بالأدوار الموكولة إليه في حماية المال العام كون هذه
الأموال هي ملك الأمة ومن واجب الأمة المشاركة في حمايتها.
وإجمالاً
يجب أن تستهدف ثقافة وممارسة حماية المال العام المشاركة الواسعة لكل الفعاليات
حتى لا يكون موكولاً أو حكراً على جهة الإدارة التي لا تستطيع ذلك بمفردها ومن
جهةٍ أخرى يجب أن يكون المجتمع مُلماً ومُطلعا ومهتماً وعلى علم تام بالكيفية التي
يتم بها تدبير شئونهم والتصرف في الأموال العامة وهذا حق يكفله الدستور والقانون
وموروث ومرسخ أيضاً في قواعد الشريعة الإسلامية التي لها الفضل في السبق في وضع
الأسس والتدابير والسياسات الهادفة إلى حماية المال العام.
فالدولة
يجب أن تراعي بالمنطوق والملموس مبدأ مساواة المواطنين جميعا أمام القانون في
الحصول على كافة المعلومات وبصفة خاصة المال العام واحترام هذه القاعدة من قِبل
الحاكم والمحكوم لكافة مسئولي السلطات التي تتكون منها الدولة في المجتمع الحديث
أن تتبنى هذا التوجه وأن تجعل من مسألة الحصول على المعلومات بكامل الشفافية
احد صور تدابير المال العام وتوقيع العقوبات الكفيلة لحماية هذا المال وما تصدره
من تدابير سابقة ولاحقة على توقيع العقوبات من أجل الاحتراز والوقاية.
وتتعدد
أنواع الحمايات للمال العام فهي إما حماية مدنية أو جنائية أو إدارية.
فالجريمة
الجنائية هي التي تترتب عند إتيان فعل منهي عنه أو عند ترك فعل مأمور به بموجب
القانون الجنائي وتكون من شخص ذو الأهلية الجنائية أي أنها الأفعال التي يكون فيها
مخالفة للقانون الجنائي وهي جرائم محددة على سبيل الحصر وتخل بمصلحة أساسية كونها
تصدر من إرادة جنائية فيها عدوان على المجتمع وتكون إما بإتيان فعل يخالف القانون
الجنائي أو بامتناع عن فعل يأمر القانون بإتيانه.
وهذه
الأفعال أو الجرائم يأتي من أبرزها الاختلاس والغش في تحصيل الأموال والرشوة
وخيانة الأمانة والسرقة وهي محل استنكار واستهجان العامة بل لا بد أن يوصف الفعل
بأنة مخالف للقانون الجنائي ومخصص له عقوبة أو تدابير .
أما
الجريمة في مدلولها المدني فهي عبارة عن تصرف ضار بالغير يوجب التعويض ويتساوى فيه
صدوره من ذو أهلية أو ناقصها وسواءً صدر عن قصد أو خطاً وسواءً تسبب في الضرر لشخص
طبيعي أو شيءً من الأشياء فكل فعل نتج عنه ضرر للغير يُعد جريمة مدنية.
وقد
يطلق عليها بدلاً عن الجريمة المدنية المسئولية المدنية , وتتفق الشريعة الإسلامية
مع معظم القوانين في تعويض المضرور من فعل الغير مدنياً سواءً كان الفعل يستوجب
عقاباً جنائياً أو لا يستوجب فالضرر مجبور في الشريعة الإسلامية والقانون. وقد فرض
القانون للمال العام حماية خاصة وأتى بثلاث قواعد واجبة التطبيق للمال العام وهي :
(1) عدم جواز التصرف في المال العام.
(2) عدم جواز تملك المال العام بالتقادم.
(3)
عدم جواز
الحجز على المال العام.
أما
الجريمة في مدلولها الاداري فهي التي يرتكبها الشخص في سياق عمله إخلالاً بواجبات
وظيفته.
فالجريمة
الإدارية تتحقق متى أستغل الشخص وظيفته أو عمله أو أهمل فيه أو أخل بواجباته بصورة
تسبب ضرراً للدولة أو الغير , والجريمة الإدارية يصعب حصرها ولكن قوانين الخدمة
العامة تحدد الجزاءات فيها على سبيل الحصر(«1»).
وبعد
هذه المقدمة التي بينّا فيها صور حماية المال العام , وحددنا الجرائم الماسة
بالمال العام وهي لا تخرج عن الثلاثة الأقسام الجنائية والمدنية والإدارية نستعرض
بشيء من التفصيل لموضوع الحماية الإدارية للمال العام.
الحماية الإدارية للمال العام
الأموال
العامة هي التي تكون تحت إشراف وإدارة السلطات الإدارية وذلك من أجل استعمالها
للمنفعة العامة , وقد حدد القانون الأخطار التي تتعرض لها الأموال العامة من
قبل هذه السلطات في أمرين هما:
1- إهمال الإدارة في واجبات صيانة
الأموال العامة.
فالحماية الإدارية للمال العام تتطلب
اتجاهين متساندين هما:
حماية
المال العام من الموظف العام , وحماية المال عن طريق الموظف العام , فالحماية
الأولى المتعلقة بالموظف العام كون هذا الموظف هو المتصرف بحكم مسئوليته عن هذه
الأموال , وعليه أن يعمل جاهداً على المحافظة على هذه الأموال ويسخرها في خدمة
المجتمع.
أما
الثانية : فهي الحماية الواجبة من قبل هذا الموظف ضد أي إهمال أو تقصير يؤثر على
هذا المال من قبل الآخرين .
في
هذا المبحث سنتناول صور الحماية الإدارية للمال العام في الشريعة الإسلامية
والقانون اليمني والقوانين الأخرى , كما سيتم المقارنة والترجيح في سياق الثلاثة
المطالب التالية:
المطلب الأول : الحماية الإدارية للمال العام في الشريعة
الإسلامية
لم
تكن أحكام الإسلام مواعظ وعبارات وأقوال نظرية فحسب بل أنها أحكام عملية تلامس
الواقع, لذا حرمت الشريعة الإسلامية كل صور الاعتداء على المال العام, وفرضت
الحدود ووضعت التعازير لمن تسول له نفسه القيام بذلك.
سواءً
كان حاكماً أو محكوماً, ولم يقتصر الأمر في الإسلام على صيانة المال العام بل شمل
ذلك المال الخاص وقـد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :(ومن قُتِل دون ماله
فهو شهيد)(«3»),
متفق عليه.
وعن
أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال:(جاء رجل إلى رسول الله - 4- فقال: يا رسول الله
أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ قـال: فلا تعطه مالك, فقال: أرأيت إن قـاتلني،
قال: فقاتله: قال: أرأيت إن قتلني, قال: فأنت شهـيد, قال:(فإن قتلته ؟ قال: هو في
النار)(«4»).
لذا
تضمنت الشريعة الإسلامية الأحكام والمبادئ الكفيلة بحماية الملكية الخاصة مع وجود
المالك الفرد الذي يهمه المحافظة عليها.
أمـا
المال العام فهو ملك المجتمع, ولكنه أكثـر الأموال تعرضا للضياع والإهمال
والاعتداء عليه.
وهذا
الاعتداء هو اعتداء على مجموع الأفراد والمجتمع, ويأثم المسلمون جميعا إن لم يقوموا
بحماية أموالهم الخاصة والمال العام سواءً بسواء, ودليل ذلك أن حماية المال العام
يعتبر من قبيل النهي عن المنكر, وهذا أمر من الله للمسلمين جميعاً واجب التنفيذ
مصداقا لقوله تعالى: تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ («5»).
وما
لا يتم الواجب إلا به فهـو واجب(«6»)
ولقد
حرص الرسول - 4- والخلفاء الراشدين من بعده على حماية المال العام.
وقـد
تضمنت المصادر الشرعية شواهد كثيرة تدل على أن النبي - 4- قد وضع أٌسساً لحماية
أموال الدولة الإسلامية وهذا ما سار عليه الخلفاء الراشدين من بعده لحماية المال
العام والرقابة عليه ومن الأمثلة النبوية على ذلك:
ما
ورد عنه - 4- أنه حاسب أحد العاملين على الزكاة يُـقال له ابن اللتبيه لما قدم من
البحرين أخذ نصف المال فورده إلى بيت مال المسلمين والنصف الآخر ذهب به إلى داره.
فلما
قدم قال: لكم هذا وهذا أُهدي إلي: فقال النبي - 4- :(ما بال الرجل نستعمله على
العمل ممـا ولانا الله, فيقول هذا لكم وهـذا أُهـدي إلي, فهـلا جلـس في بيت أبيه
وأمه فنـظر أيهـدى إليه أم لا ؟ وقال: من استعملناه على عمل ورزقناه رزقاً, فمـا
أخذ بعـد ذلكم فهو غلـول ، والذي نفسي بيده لا يأخذ منه إلا جاء به يوم القيامة
يحمله على رقبته, وإن كان بعيرا له رغاء, أو بقرة لها خوار, أو شاة تعير, ثم رفع
يديه إلى السماء وقال: " اللهم بلغت ثلاثا ", فترك ابن اللتبيه ما أهدي
إليه وسلمه إلى بيت مال المسلمين, فأتجه إليه أبو ذر وقال: هذا أفضل, فقـال الرجل:
مـا كنت أدري, فقصد ابن اللتبيه رسول الله - 4- واعتذر وطلب العفو)(«7»).
وهكـذا
وضح رسول الله - 4- القواعد التطبيقية للرقابة على أمـوال الدولة ومحاسبة العاملين
عليها وتحريم الكسب في الوظيفة فهو غلول(«8»).
وجرى
أبو بكرـ رضي الله عنه ـ على نهـج رسول الله في الرقـابة على الأموال, فقـد رُوي
أنه كان يحاسب عماله على المستخرج والمنصرف, فلمـا قدم عليه معاذ بن جبل من اليمن
بعد وفاة رسول الله - 4- قال: ارفـع حسابك ؟ فقال معاذ أحسابان: حساب مع الله
وحساب منك ؟ ثم حاسب على الإيرادات والنفقات(«9»).
واهتم
عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ بالرقابة على عماله وحاسبهم ووضع لذلك وسائل وطرق
من أهمها ما يلي(«10»).
1- حسن
اختيار العمال كما كان يفعل رسول الله وأبو بكر من بعده.
2- إحصاء
ثروة عماله قبل توليتهم أعمال الولايات.
3- تطبيق
نظام مقاسمة أموال الولاة عندمـا يشك في أن ما اكتسبوه من مال اثنا العمل كولاة
وباستعمال نفوذهم.
4- بث
الرقباء والعيون لمراقبة الولاة.
5- إرسال
المفتشين ليقوموا بالتدقيق والمراجعة على أعمال الولاة.
6- كان
يأمر بأن يدخل الولاة والعمال عند عودتهم إلى بلادهم نهارا حتى لا يتمكنوا من
إخفاء ما يحملونه من هدايا ونحوها وكان يعقد المجالس الشعبية لمراجعة واعتمـاد
الحسـابات الختامية للولايات في موسم الحج.
7- كان
رضي الله عنه يقوم في بعض الأحيان بالسفر إلى الولايات للتفتيش.
ومن
بين أهداف هذه الوسائل والطرق لحماية المال العام من الاعتداء عليه, ليس فقط من
الناس بل من القائمين على شئونه من الولاة.
ومن أقوال ووصايا عمر بن الخطاب
بشأن حماية المال العام مـا يلـي(«11»):
كتب
عمر بن الخطاب إلى عماله:(أما بعد فإياكم والهدايا فإنها من الرشا).
وقال
عمر ـ رضي الله عنه ـ للولاة: (تفقهوا قبل أن تسودوا)(«12»).
وقد
وضعت التدابير الإدارية لحماية لمال العام في عهد عمر بن الخطاب وذلك باستحداث
الدواوين الخاصة بذلك, ومنهـا ديوان المال حيث كثرت موارد ونفقات الدولة, وهـذا من
أسباب اهتمام عمر ـ رضي الله عنه ـ بصفة خاصة بحماية المال العام من نفسه ومن آل
عمـر ومن الذين يريدون الاعتداء عليه.
فقد
بُعث إلى عمر بن الخطاب رضي بحلل (قطع قماش) فقسمها, فأصاب كل رجل ثوب, فصعد
المنبر وعليه حله ـ والحلة ثوبان ـ فقال عمر: أيها الناس ألا تسمعون ؟ فقال
سلمان(أحد الصحابة): لا نسمع !! قال لِم يا أبا عبد الله ؟! قال سلمان: لأنك قسمت
علينا ثوبا ثوبا, وعليك حله: فقال: عمر بن الخطاب: لا تعجل يا أبا عبد الله ! ثم
نادي عمر ابنه عبد الله. فقال له يا عبد الله بن عمر: فقال: لبيك يا أمير
المؤمنين, فقال: ناشدتك الله, الثوب الذي ائتزرت به أهـو ثوبك ؟ قال: اللهم نعم !
فقال سلمان: أمَا الآن نسمع(«13»).
وعن
عبد العزيز بن أبي جميلة الأنصاري قال: أبطأ عمر بن الخطاب جمعة بالصلاة فخرج,
فلما أن صعد المنبر أعتذر إلى الناس فقال:(إنما حبسني قميصي هذا فلم يكن لي قميص
غيره)(«14»).
وقال
عمر ـ رضي الله عنه ـ في خطبةٍ له:(ألا وإني ما وجدت صلاح ما ولآني الله إلا
بثلاث: أداء الأمانة, والأخذ بالقوة, والحكم بما أنزل الله, ألا وأني ما وجدت صلاح
هذا المال إلا بثلاث: أن يؤخذ من حق, ويعطى في حق, ويمنع من باطل, ألا وإنما أنا
في مالكم كوالي اليتم, إن استغنيت استعففت, وإن افتقرت أكلت بالمعروف) («15»).
وعن
علي بن رباح قال: سمعت عمر إبن الخطاب يوم الجابيه وهو يخطب الناس:(إن الله جعلني
خازناً لهذا المال وقاسما له...)(«16»).
وسار
على منهج عمر بن الخطاب, عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ فقد بعث العيون لكشف
أحوال عماله, ولقد اعتمد في اختيار معاونيه في الرقابة المالية على أهل الثقة,
ولكن لم يكن صارماً مثل عمر بن الخطاب(«17»).
أما
في عهد علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ فقـد سار على نهج السابقين وكان يحاسب
عماله اشد المحاسبة, وكان من آثار هذه المحاسبة أن هرب مقصلة بن هبيرة الشيباني من
علي وانضم إلى معاوية, واستعمل علي شخصا أسمه أبن حجية الميمي على العراق, فكسر من
خراجها ثلاثين ألفاً, فكتب إليه يستدعيه, فحضر فسأله عن المال فقال: ما أخذت
شيئاً, فضربه بالدرة على وجهه(«18»).
وقد
سعى عمر بن عبد العزيز لتحقيق السلامة من الفساد الإداري على سبيل الوقاية منه،
وسد المنافذ على السموم الإدارية مثل الخيانة, والكذب والرشوة والهدايا للمسئولين
والأمراء, والإسراف, وممارسة الولاة والأمراء للتجارة, واحتجاب الولاة والأمراء عن
الناس, ومعرفة أحوالهم, والظلم للناس والجور عليهم ومن أمثلة ذلك:
1 ـ التوسعة على العمال في الأرزاق: كان أول إجراء
إداري رأى فيه عمر الوقاية من الخيانة أن وسع على العمال في العطاء, رغم تقتيره
على نفسه وأهله, وأراد بذلك أن يغنيهم عن الخيانة(«19»),
فقد
كان يوسع على عماله في النفقة, يعطي الرجل منهم في الشهر مائة دينار, ومأتي دينار,
وكان يتأول أنهم إذا كانوا في كفاية تفرغوا لأشغال المسلمين فقيل له: لو أنفقت على
عيالك, كما تنفق على عمالك ؟ فقال: لا امنعهم حقا لهم, ولا أعطيهم حق غيرهم, وكان
أهله قد بقوا في جهد عظيم, فاعتذر بان معهم سلفا كثيرا قبل ذلك(«20»).
وبهذا
الإجراء ـ ألا وهو التوسع على عماله فقد حقق عمر أمرين مهمين:
أ ـ سد منافذ الخيانة, وما يدفع
العمال من حاجة, إلى الخيانة وسرقة أموال المسلمين.
ب ـ ضمان فراغ الولاة والعمال
والأمراء لأشغال المسلمين وحوائجهم(«21»).
2 ـ الامتناع عن أخذ الهدايا والهبات:
رد
على من قال له: الم يكن رسول الله - 4- يقبل الهدية ؟ قال: بلى, ولكنها لنا ولمن
بعدنا رشوة(«22») .
كما
أبطل عمر أخذ الهدايا التي كان الولاة الأمويون يأخذونها... وكتب عمر بن عبد
العزيز إلى عماله كتابا يقرأ على الناس, يبطل فيه أخذ الهدايا, التي كانت تأخذ
منهم مثل النيروز والمرجان وغيرها من الأثمان والأجور(«23»)
.
كما
انذر ولاته وعماله من أن يتخذ احد منهم تلبية طلبات الخليفة أو احد أهله شيئا
مسلما به ومن ذلك ما حدث عندما أرسلت فاطمة بنت عبد الملك إلى ابن معدي كرب(«24»).
تطلب
عسلاً من عسل سينين أو لبنان، فبعث إليها فكتب إليه: وايم الله لئن عدت لمثلها, لا
تعمل لي عملا أبدا, ولا انظر إلى وجهك(«25»).
3 ـ النهي عن الإسراف والتبذير: فقد اتخذ قرارات تنم على حرص شديد,
على أموال المسلمين, فكان أول إجراء له بعد توليه الخلافة هو انصرافه عن مظاهر
الخلافة, إذ قربت إليه المراكب، فقال: ما هذه ؟ فقالوا: مراكب لم تركب قط, يركبها
الخليفة أول ما يلي، وتركها وخرج يلتمس بغلته وقال: يا مزاحم ـ يعني مولاه ـ ضم
هذه إلى بيت مال المسلمين، ونصبت له سرادقات وحجر لم يجلس فيها أحد قط، إلى الفرش
والو طاء الذي لم يجلس عليه أحد قط، يفرش للخلفاء أول ما يلون، فجعل يدفع ذالك
برجله، حتى يفضي إلى الحصير، ثم قال: يا مزاحم ضم هذه لأموال المسلمين(«26»).
واخذ
إجراء آخر لمحاربة الإسراف في الدولة, فحين قال له ميمون بن مهران وهما ينظران في
أمور الناس: ما بال هذه الطوامير(«27») التي
تكتب فيها بالقلم الجليل, وتمد فيها, وهي من بيت مال المسلمين؟ فكتب إلى العمال
ألا تكتبوا في طومار ولا يمد فيه, قال: فكانت كتبه شبرا أو نحو ذلك(«28»).
وفي
كتاب عمر بن عبد العزيز لأبي بكر محمد بن حزم الأنصاري والي المدينة في قصة
الشموع, وتوجيه عمر له في ذلك, وكيف يكتب له عندما قال: إذا جاءك كتابي هذا فأرق
القلم, واجمع الخط, واجمع الحوائج الكثيرة في الصحيفة الواحدة, فأنه لا حاجة
للمسلمين في فضل قوم أضر ببيت مالهم(«29»).
ذلك
هو شأن عمر في كل أمر يخص مال المسلمين صغر أو كبر, ومع كافة الولاة, فأنه من
المسلم به أن عمر لن يكون كذلك مع والي المدينة فحسب, بل هو كذلك مع غيره من
الولاة والعمال, فكان يسعى للتوفير والاقتصاد في الإنفاق من بيت المال, ليحول بذلك
دون الإسراف والبذخ(«30»).
4 ـ محاسبة الولاة من قبله عن أموال بيت المال: لمـا تـولى عمر بن عبد العزيز أمر
بالقبض على والي خراسان يزيد بن المهلب, ولما مَثل بين يديه, سأله عمر عن الأموال
التي كتب بها إلى سليمان بن عبد الملك, فقال: كنت من سليمان بالمكان الذي قد رأيت,
وإنما كتبت إلى سليمان لأسمع الناس به, وقد علمت أن سليمان لم يكن ليأخذ بشيء
سمعت, ولا بأمر اكرهه.
فقال:
ما أجد في أمرك إلا حبسك, فأتق الله وأد ما قبلك, فإنها حقوق المسلمين ولا يسعني
تركها, فرده إلى محبسه, وبقي فيه حتى بلغه مرض عمر(«31»),
أي أنه أستمر في الحبس حتى بلغه مرض عمر بن عبد العزيز فخرج من محبسه.
وقد
كان عمر بن عبد العزيز يتحسس أخبار ولاته ويراقبهم ويحاسبهم على تقصيرهم, فقد كتب
إلى احدهم يقول:(لقد كثر شاكوك وقل شاكروك, فأما عدلت, وإما اعتزلت)(«32»).
يتبين
من خلال ما سبق أن الشريعة الإسلامية قد وضعت التدابيـر الكافية والكفيلة لحماية
هذا المال, حيث أن الشريعة الإسلامية وهي تعالج أمـور الحياة فإنها تعالجها
بواقعية وحكمه فلم تترك الشريعة أي خلل تجاه هذه الحماية.
وعلى
هذا الأساس جاءت الحماية الوقائية للمال العام بتربية الإنسان على الفضيلة بدأً من
اختيار الموظف العام القادر على العمل بكفاءة واقتدار, وضرورة أن يكون هذا الموظف
متفرغا لهذا العمل المناط به ولم تهمل ما يستحقه من الرعاية والعناية بإعطائه مـا
يكفيه ومن يعول من الرزق.
وعلى
هذا يتبين أنه في الوقت الذي يبحث العالم عن أسس ونظريات لحماية المال العام فقد
تضمنت الشريعة الإسلامية تدابير هذه الحماية ومن هذه التدابير:
1- تربية الإنسان على الفضيلة وحب الخير:
من الأسس الإسلامية تربية الإنسان على مخافة الله في كل أعماله, لأن المسلم يدرك
بأن الله يراقبه, وأنه مسئول يوم القيامة عن كل أعماله قال الله تعالى:( بَلْ
الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)(«33»)
.
ومراقبة المسلم لنفسه هي من أقوى
وأضمن وأسهل طرق الحماية على المال العام إذ أنها مانعة جامعة(إن عقيدة المسلم
تجعله يراقب نفسه مراقبة تمنعه من أن يأخذ أموال الدولة بغـير حق وتجعله يؤدي حق
الدولة كاملا)(«34»).
ومن الصور المشرقة التي حكاها لنا العهد الذهبي نجـد:
أن سعد بن أبي وقاص بعث بالأخماس
إلى أمير المـؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيهـا سواري كسرى ومنظته
وزبرجـدته فلمـا رآها عمر _ رضي الله عنه _ قال:(إن قوما أدووا هذا لذووا أمانة..
فقال له بعض الحاضرين: إنك أديت الأمانة إلى الله تعالى, فأدوا إليك الأمانة, ولو
رتعت لرتعوا)(«35»).
وهـذه
المراقبة لله تعالى في السر والعلن هي دين المسلم وسمة بارزة, هي مراقبة ذاتية
للنفس تجعل المسلم محافظا على المال العام.
2- حرص الإسلام على حسن اختيار الموظف
العام:
فالموظف العام هو الأمين على المال
العام, ولذلك نجد أن الإسلام يحرص دائما أن يولي الأصلح لإدارته والحفاظ عليه,
قـال المـاوردي في الأحكام السلطـانية:(إن الخليفة يقلد النصحاء فيما يفوضه إليهم
من أعمال, ويكله إليهم من الأموال لتكون الأعمال بالأكفاء مضبوطة, والأمـوال
بالأمناء محفوظة)(«36»).
وعن عدي بن عمرية الكندي ـ رضي
الله عنه ـ قال:(سمعت رسـول الله - 4-يقول:(من استعملناه منكم على عمل فكتمنا
مخيطاً فما فوقه كان غُلولاً يأتي به يوم القيامة)(«37»).
وهذا
الحرص الشديد في الإسلام على الأمانة في الموظف العام لحماية المال العام, تأكيد
آخر على شدة عناية الإسلام بالمال العام.
إذاً
تبقى صفة الأمانة ـ وهي من أهم متطلبات من سيتقدم, أو من يختار للوظيفة العامة,
خاصة وظائف المال العام.
يقول
أبو يوسف في الخراج ـ في معرض نصيحته لهارون الرشيد بشأن تعيين الموظفين:(بأن يكون
رجلا, ثقة عفيفاً ناصحاً, مأمـوناً عليك وعلى رعيتك)(«38»).
ولقد
ثارت مسألة أهل الثقة والخبرة في الماضي ,والحاضر ولكن المعتقد انه من الممكن أن
توجد نظرية تجمع بين النظرتين, فالثقة وحدها لا تكفي, والخبرة وحدها كذلك فإذاً لا
بد من الجمع بينهما, فنبي الله يوسف ـ عليه السلام ـ جمع بين الأمانة والعلم, و
الخبرة كما جاء في قوله تعالى: قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى
خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ («39»).
المطلب الثاني: الحماية الإدارية للمال العام في التشريع
اليمني
تناولنا
فيما سبق الحماية الإدارية للمال العام في الشريعة الإسلامية, وعرفنا كيف حرص
الإسلام على حماية المال العام ووضع الضوابط والقيود التي تمنع الاعتداء عليه,
ويأثم المسلمون جميعا إن لم يقوموا بحماية هذا المال وفي هذا المطلب سوف نذكر
تدابير الحماية الإدارية للمال العام في التشريع اليمني.
حدد
المشرع اليمني الوسائل التي تستخدمها الإدارة لحماية المال, فوسائل الحماية
الإدارية قد يكون مخاطبا بها جهة الإدارة, وقـد يكون المخاطب بها أفراد مستعملي
هذا المال.
وبمـا
أن حماية المـال العـام هي مسئولية السلطـة الإدارية فإنها قد وضعت العديد من
التدابير الكفيلة بهـذه الحماية, حيث نصت عليه العديد من القوانين والقرارات
واللوائح الإدارية والمالية والرقابية وفي مقدمة ذلك الدستور الذي لم يغفـل عن
وضـع تدابيـر إداريـة لحمـاية المـال العام فقد نص الدستور في المادة (136) من
البـاب الثـالث الفصـل الثـاني في الفـرع الثـاني على انه:
(لا
يجوز لرئيس الوزراء ولا لأي من الوزراء إثناء توليهم الوزارة أن يتولوا أي
وظيفة عامة أخرى أو أن يزاولوا ولو بطريقة غير مباشرة مهنة حرة أو عملا
تجاريا أو ماليا أو صناعيا كما لا يجوز لهم أن يسهموا في التزامات تعقدها
الحكومة أو المؤسسات العامة أو أن يجمعوا بين الوزارة والعضوية في مجلس إدارة
أي شركة ولا يجوز خلال تلك المدة أن يشتروا أو يستأجروا أموالا من
أموال الدولة أو يقايضوا عليها ولو بطريقة المزاد العلني أو أن يؤجروها أو
يبيعوها شيئا من أموالهم أو يقايضوها عليه)(«40»).
أمـا
القانون رقم(30) لسنة 2006م بشأن الإقرار بالذمة المالية فقد حددت المادة(3) منه
أهداف هذا القانون وقد نصت على ما يلي(«41»):
1- حماية
المال العام.
2- تعزيز
الثقة بأجهزة الدولة وموظفيها وصون الوظيفة العامة.
3- مكافحة
الكسب غير المشروع والحد من العبث بقيم وأخلاقيات الوظيفة العامـة.
4- تعزيز
الرقابة على كل من يتولى وظيفة عامة ويخضع لهذا القانون.
ومن
هـذا المنطـلق نجـد أن المشـرع اليمنـي في الدستـور والقـانون قد وضـع التدابيـر
اللازمة لحماية الأموال العامة بدءا بالمناصب العليا حيث يتضح من نص الدستور أن
أول من يجب أن يحمي هذه الأموال هم كبار موظفي الدولة,ولهـذا نجده قد وضع العديد
من التدابير ومنع على الوزراء ممارسة أي عمل يخل بوظائفهم, أو بواجباتهم الوظيفية,
أو ممارسة أي عمل يكون فيه الإخلال بالوظيفة العامة وتضارب المصالح.
وهذا ما سار عليه نهج المشرع
اليمني في صياغته لقـانون الإقرار بالذمة المالية وجميع القوانين المتعلقة بحماية
المال العام, حيث يتضح من أهداف هذه القوانين أنها تضع الضوابط والتدابير التي
تحمي المال العام.
فقـد
ألزم قانون الذمة المالية: شاغلي وظائف السلطـة العليا, والإدارة العليـا ,وكافـة
الوظائف المالية بتقـديم إقرار بالذمة المالية, عند توليهم هذه المنـاصب.
وقـد
أورد المشرع اليمني في قـانون مكافحة الفسـاد في الباب الثالث: تدابير مكافحة
الفساد, العديد من التدابير الإدارية لحماية المال العام منح الهيئة بموجبها أن
تقوم وبالتنسيق مع الجهات المختصة بدراسة وتقييم واقتراح وتطوير التشريعات
العقابية التي تكفل حماية المال العام(«42»).
أمـا
قانون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة فقد حدد ضمن مهامه الحماية الرقابية للمال
العام, فأورد العديد من التدابير الإدارية لحماية المال العام منها ما يلي:
مراقبة
مختلف الجهات في مجال الإيرادات والمصروفات عن طريق قيامه بالمراجعة والتفتيش على
المستندات والدفاتر وسجلات المتحصلات والمستحقات العامة والمصروفات العامة,
والتثبت من أن التصرفات المالية, والقيود المحاسبية, قـد تمت بطريقة نظامية, وفقاً
للقوانين واللوائح ومنها:
مراجعة
مختلف الإيرادات الناتجة عن سائر التصرفات في الأموال العامة وبحث أوجه الاستخدام
والاستغلال و الاستثمار فيها.
ووضـع
قانون الخدمة المدنية رقم(19) لسنة 1991م, العديد من الضوابط الإدارية الهادفة إلى
حماية المال العام والوظيفة العامة.
فقـد
حدد مهام الإشراف العام على الوظيفة العامة لمجلس الوزراء, ووضـع فيه الضوابط
والمعايير لإقرار السياسـات المتعلقة بالتنمية الإدارية وتوجيه و تنسيق الجهود
المبذولة في تنفيذها لتطوير الجهاز الإداري لضمان وكفاية وفاعلية الاستخدام الأمثل
للموارد البشرية.
وكذلك:
دراسة وإقرار مقترحات الوزارة بشأن أسس وقواعد انتقاء الموظفين للتعيين في الخدمة
المدنية, وأناط بالمجلس تحقيق التنسيق والترابط بين خطط التنمية الإدارية والتنمية
الشاملة(«43»).
أمـا
قرار مجلس الوزراء رقم(27) لسنة 1998م, بشأن لائحة الجزاءات والمخالفات الإدارية
فقد أورد العديد من التدابير المتعلقة بحماية المال العام والمتمثلة في النص على
الواجبات والمحظورات والحقوق والمسئوليات والمخالفات التي تتصل بالوظيفة فألزم
الموظف العام أن يؤدي عمله بدقة وأمانة.
وان
يحافظ على أوقات الدوام الرسمي لأداء واجباته الوظيفية, وان ينجز الأعمال الموكلة
إليه بنفسه أولاً بأول.
كمـا
ألزمه باحترام مواعيد العمل والالتزام بما تصدر إليه من توجيهات من رئيسه بما لا
يخالف القوانين واللوائح والنظم, كما حضر عليه أن يستخدم أو يستغل نفوذه الوظيفي
للحصول على منافع شخصية لنفسه أو لغيره أو يقبل الرشوة.
كمـا
وضعت التدابير اللازمة لحماية المال العام بمنع الموظف العام من ممارسة الأعمال
التالية(«44»):
1- أن
يشتري عقارات أو منقولات مما تطرحها السلطة القضائية أو الإدارية للبيع إذا كان
ذلك يتصل بأعمال وظيفته.
2- أن
يزاول أو أن يكون له مصلحة في أعمال تجارية أو مقالات أو مناقصات تتصل بأعمال
وظيفته.
3- أن
يشترك في تأسيس الشركات أو يقبل عضوية مجالس إدارتها إلا إذا كان مندوبا عن
الحكومة أو بإذن من السلطة المختصة.
4- أن
يستأجر أراضي أو عقارات بقصـد استغلالها في الجهات التي تتصل بعملـه إذا كان لهـذا
الاستغلال صلة بأعمال وظيفته(1).
أمـا التعليمات التنفيذية للموازنة
العامة للدولة فقد وضعت العديد من التدابير لحماية المال العام بهدف حسن تنفيذها
بصورة تضمن الحماية الكافية لهذا المال حيث هدفت إلى:
1- ضمان
التنفيذ السلس للموازنة العامة وفقاً لقوانين ربط الموازنة والموافق عليها من مجلس
النواب.
2- ضمان
الالتزام بالسياسات الاقتصادية التي تم إعداد الموازنة على أساسها.
3- تحقيق
قدر أكبر من الرقابة على مستوى الإنفاق.
4- الحرص
على تحصيل الموارد العامة.
5- ممارسة
أكبر قدر ممكن من الرقابة من خلال تفعيل أدوات الشفافية والمساءلة, كمـا حددت
العديد من القيود والضوابط اللازمة لصرف هذه الأموال في مصارفها الرئيسية منها:
أ-
أنه لا يجوز صرف أي مبلغ من المبالغ المعتمدة للجهات إلا للأغراض المخصصة من أجلها
وفي إطار إعتماداتها بالموازنة, وأي أنفاق عن أنشطة أو سلع أو خدمات لم تضمها
الموازنة أو بالتجاوز عن تلك الإعتمادات, تعتبر مخالفة تُعرض القائمين بها للعقوبة
الشديدة وللمسائلة القانونية, بمـا في ذلك الإحالة إلى القضاء.
ب- يمنع منعا باتا المناقلة من باب
إلى باب, كما لا يجوز للجهات إجراء مناقلات مهما كانت بين فصول, وبين بنود, وبين
أنواع الموازنة, وأية إجراءات من هذا القبيل تعتبـر مخالفة تُعرض القائمين بها
للعقوبة الشديدة وللمسائلة القانونية, بمـا في ذلك الإحالة إلى القضاء.
ج- يمنع منعا باتا قيام الجهات
التقدم إلى وزارة المالية لطلبات إنفاق فردية أو جماعية وتتولى الجهة البت في ضوء
ما لديها من تفويضات وفقا لإعتماداتها في الموازنة.
د- جميع الجهات مسئولة عن الاحتفاظ
وإدارة الحسابات الرئيسة المحددة لها من قبل الحسابات الرئيسة وزارة المالية
المتعلقة بإعداد وتنفيذ الموازنة الخاصة بها من خلال أنظمة المحاسبة المتواجدة في
جميع الجهات المشار إليها(«46»).
أما اللائحة المالية للسلطة المحلية
فقد أوردت العديد من الضوابط على موازنات السلطة المحلية حيث أوردت العديد من
التدابير لحماية المال العام, ومن هذه التدابير:
1- لا
يجوز لكافة الوحدات الإدارية على مسـتوى المحافظة والمديرية فتح أية حسابات أخرى
خلافـاً للموازنة.
2- إنه
لا يجوز لكافة الوحدات الإدارية على مستوى المحافظة أو المديرية الارتباط بأي
مشروع أو نفقه غير معتمدة في الخطة والموازنة السنوية للوحدة الإدارية, كما انه لا
يجوز الصرف بالتجاوز عما هو معتمد في الموازنة, أو شراء أي أثاث أو وسائل نقل, أو
آلات أو معدات أو إنشاء مباني, من غير الاعتمادات المخصصة لها وهذه كلها تدابير
منظمه لحماية المال العام.
ويخلص القول مما سبق أن المشرع اليمني
حرص علـى إيجاد مـؤسسات أنيط بها حماية المال العام, ومكافحة الفساد المالي
والإداري بكافة الوسائل والتدابير, فقد اخضع التصرفات المتعلقة بالأموال
والممتلكات العامة للرقابة والمحاسبة المالية, والتي تمارسها هيئات وأجهزة مختصة,
وفقا لأُسس ومبادئ ومعايير ومستويات مُحددة, ووفقا لِما اقتضته النصوص الدستورية
والقانونية والمتطلبات التنظيمية.
ولـذلك فإن الحماية الإدارية قد
تكون بواسطة أجهزة داخلية في المرافق والهيئات والمؤسسات وقد تكون خارجية بواسطة
أجهزة مختصة, كما هو الحال بالنسبة للرقابة التي أنيطت بالجهاز المركزي للرقابة
والمحاسبة, وكذلك الهيئة الوطنيـة العلـيا لمكافحة الفساد والأجهزة الإدارية
الأخرى(1).
المطلب الثالث :المقارنة والترجيح:
يتضح
من خلال استعراضنا لموقف الشريعة الإسلامية وموقف المشرع اليمني حول التدابير
والإجراءات والضوابط التي وضعت من أجل الحماية الإدارية للمال العام أن الأهمية
التي يحتلها المال العام باعتباره ملك الأمة كلها وأي مساس بالمال العام يعتبر
مساسا بمصالح الأمة والمجتمع, ولذلك ترتبت على هذه الأهمية ضرورة وجود الحماية
الكفيلة بأن يؤدي المال العام المهام والخدمات المطلوبة للناس جميعاً, وإذا كان في
موقع خطر ولم تحقق له الحماية الإدارية الكافية, فإن هذا الخطر يهدد مجموع الناس,
فكانت الشريعة الإسلامية هي أول من وضع تدابير الحماية الإدارية للمال العام,
ويتضح ذلك من خلال أقوال وأفعال الرسول - 4- والخلفاء الراشدين من بعده, اللذين
اتبعوا سنته وطبقوها قولا وعملا.
وقد
اتضح من خلال ذلك أن الشريعة الإسلامية قد احتاطت لكل الأمور, فحرصت على اختيار
الموظف القوي الأمين, على مصالح الناس, وحماية أموال الدولة, وتقديم الخدمات على
الوجه السوي وجعلت كل من يتولى مهمة عامة, مراقب في جميع تصرفاته, وفي حالة
الإخلال فإن الجزاء الإداري أو الردع الإداري والتوجيه والإرشاد, لـم يغفل عن هذا
الموظف, ومن الوقـائع في عهد الرسول - 4- والخلفاء الراشدين من بعده, ما يدل على
تطبيق تـدابير الحماية الإدارية على المال العام, وما محـاسبة الرسول - 4- لمـن
تولى جباية الزكاة, وجـاء بنصف المال وقال: هـذا لكم, وهذا اهدي إلي, إلا دليل
واضح ونهج للأمة جميـعها, وقد طبق ذلك الخليفة أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ
عندمـا حاسب معاذ بن جبل, عندما رجع من اليمن, فهذه القواعد التطبيقية للرقابة على
الأموال العامة تعني أن الإسلام حريصا على نزاهة الموظف, وعلى أن يكون نقيا من أي
حادثة تحدث مخالفة لذلك, وفي ذلك درس ووعظ وإرشاد للجميع ، ولعل المشرع اليمني قد
نهج في تقنين الشريعة الإسلامية منهجا لا يميل عن الشريعة الإسلامية, وهو في كل
القوانين يضع التدابير والضوابط المطابقة للشريعة.
ومن
خلال هذه المقارنة بين الحماية الإدارية للمال العام في الفقه الإسلامي والتي أتضح
من خلالها حرص الإسلام على توفير الحماية الإدارية للمال العام بحسن اختيار
العاملين على جمع هذا المال وإدارته وصيانته وما أوجبته الشريعة الإسلامية من شروط
وما وضعت من ضوابط لاختيار الموظف العام الذي هو المسئول والمؤتمن على مال الأمة
يديره ويتصرف فيه بما يحقق مصالحها ولا يخالف أحكام الشرع في ذلك.
وحيث
أن المشّرع اليمني عند صياغته للقوانين أعتمد مرجعاً واحد وهو الشرع الإسلامي فإن
هناك توافق تام بين الشريعة والقانون في شروط تعيين الموظف العام من حيث النزاهة
والكفاءة والحنكة ومراعاة حرمة هذا المال ومراعاة استعماله الاستعمال الصحيح الذي
لا يرتب ضرراً على عامة المسلمين وأن الموظف العام النزيه والشريف هو من يجب أن
يتولى حماية المال العام وإدارته وعلى هذا فإننا نرى تطابقا واضحاً بين موقف
الشريعة الإسلامية والقانون اليمني فيما يخص الحماية الإدارية للمال العام وأن
شروط شغل الوظيفة العامة مأخوذة من التشريع الإسلامي ومطبقه في نصوص القوانين
واللوائح، وإن كان هناك خللا تنفيذياً فهذاً لا يتحمله المشرع اليمني وإنما هي
مسئولية يتحملها القائمون على تطبيق القانون, الذين لا يراقبون الله في متابعة
الموظف العام ومراقبته عند تنفيذه لعمله فيطبق مبدأ الثواب والعقاب كما كان يطبق
في العصر الإسلامي الأول الذي أظهر نماذجا واضحة في تطبيق العقوبات عن كل مخالفة
تحدث من أي موظف في وظيفته, بالإضافة إلى ضعف القيم والأخلاق الفاضلة وتنامي ظاهرة
المباهاة بالمال دون النظر إلى مصدر كسبه هل من حلال أو من حرام وكذلك عدم قيام
المجتمع بما هو عليه من واجب الاعتراض والاحتساب تاركين أمر ذلك كله للأجهزة
المختصة التي هي بحاجة ماسة إلى الرقابة والمحاسبة والمتابعة المستمرة لكل أنشطتها
فلا يكفي صدور القوانين واللوائح والأنظمة إذا لم يكن الموظف صاحب ضمير حي يراقب
الله في جميع أعماله وأدائه لوظيفته خاصة إذا ما كان مسئولاً عن إدارة أو تحصيل أو
صيانة الأموال العامة التي هي ملك المجتمع بأكمله يتضرر من حصول أي ضرر يحدث على
هذه الأموال.
وأخيراً فإن
تحقيق هذه الحماية وغيرها من أنواع الحمايات للمال العام تستوجب العمل
بالآتــي:
1- ضرورة
تشديد الرقابة على المال العام وتفعيل التدابير اللازمة لهذه الحماية والتي من
أهمها حسن اختيار الموظف القوي الأمين الذي يحرص على هذه الأموال ويسخرها فيما
خصصت له من منافع وخدمات عامة.
2- ضرورة
التعاون بين أجهزة الدولة القائمة على حماية الأموال العامة وبينها وبين منظمات
المجتمع المدني لما لذلك من دور فاعل في تطبيق التدابير المتعلقة بحماية المال
العام.
3- ضرورة
تفعيل دور المسجد والمدرسة والإعلام في التثقيف والتربية للوقاية من الفساد
ولإرساء مبدأ النزاهة في الوظيفة العامة باعتبار ذلك سلوكاً واجباً على كل من
يتولى وظيفة عامة.
4- ضرورة
المساءلة وإظهار دور الشفافية وسهولة حصول كافة شرائح المجتمع على المعلومات
باعتبارها تدابير لحماية المال العام.
5- ضرورة
رفع مرتبات القائمين على الأموال العامة وإعطائهم ما يكفيهم وأسرهم كجزء من تدابير
حماية المال العام لتعزيز نزاهة الموظف العام.
6- تنفيذ
الأحكام الصادرة باسترداد الأموال العامة من أيدي مغتصبيها أو من صدرت ضدهم أحكام
بذلك مع التشديد على أن تضع المحاكم المختصة أحكاماً فاعلة وحقيقية يتحقق منها
الردع والزجر والامتناع عن نهب المال العام.
7- إلغاء
القانون رقم (6) لسنة 1995م بشأن محاكمة شاغلي وظائف السلطة العليا وتطبيق مبدأ
العدالة المتساوية أمام القضاء لكل مواطن يمني بما فيها الوزراء وأعضاء مجلس النواب
وغيرهم.
8- استجابة
مجلس النواب لما تقدمه الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد من مشاريع تعديلات
قانونية منحها القانون هذا الحق وأنكره عليها النواب الذين وضعوا القانون فهي
معيقة لمكافحة الفساد وسبب من أسباب بقاء الفاسدين في حصانات.
9- إلتزام
رئيس الوزراء والوزراء في الحكومة الجديدة تنفيذ نص المادة من الدستور (136) التي
تمنعهم من ممارسة الأنشطة المذكورة في متن المادة المعروضة بداية المبحث الثاني من
هذه الورقة.
10- الإلتزام
بتنفيذ قانون الإقرارات بالذمة المالية بصورة منتظمة من كافة المشمولين بمن فيهم
نواب الشعب الرافضين تطبيق هذا القانون الذي يطبق على كل نواب الشعوب في العالم.
=========
المراجع:
(«1») يسرى عوض عبدالله , ماهية
الجريمة وتأصيلها الشرعي القانوني , منتدى القانون الجنائي , موقع قوانين السودان
على الانترنت , القانون الجنائي والاجراءات الجنائية 18/2/2008م.
(«2») الدكتور عبدالله فروان, حماية
المال العام , مرجع سابق ص67.
(«3») الحديث
أخرجه.الإمام مسلم, في صحيحة, برقم:(141), ج1 / ص 70, دار الفكر للطباعة , 1983م.
(«4») الحديث
أخرجه.الإمام مسلم, في صحيحة, برقم:(140), ج1 / ص 70.
(«5») سورة
آل عمران ,، آية رقم:(110).
(«6») حسين
حسين شحاتة, حرمة المال العام في ضوء الشريعة الإسلامية, مرجع سابق: ص(35).
(«7») الحديث
أخرجه, مسلم, في صحيحة, رقم:(1832), ج1 /ص 844.
(«8») دكتور
/ حسين شحاتة ,حرمة المال العام, مرجع سابق: ص(58).
(«9») دكتور
عوف الكفراوي ,الرقابة المالية في الإسلام, دار النشر للجامعات, الإسكندرية:
ص(237).
(«10») المصدر
نفسه.
(«11») المصدر
نفسه: ص(125).
(«12») جلال
الدين السيوطي ، جامع الحديث ، مسند عمر بن الخطاب ، 1/91.
(«13») أ
بن سعد ,نثر الدرر: ج 2 / ص 33 .
(«14») ابن
سعد, الطبقات الكبرى:ج 3 / ص 329 .
(«15») إبن
الجوزي , سيرة عمر بن الخطاب,صــ,179.
(«16») إبن
الجوزي , سيرة عمر بن الخطاب, مرجع سابق, ص 180,179.
(«17») الدكتور
علي محمد الصلابي, فصل الخطاب في سيرة عمر بن الخطاب, دار الإيمان, الإسكندرية,
2002م, القاهرة, ص 179 180 .
(«18») الدكتور
محمد كرد علي, الإدارة الإسلامية في ظل العرب, دار العلم للملايين: ص 102.
(«19») محمد
بن مشيب بن سلمان القحطاني, النموذج الإداري المستخلص من إدارة عمر بن عبدالعزيز,
منشورات جامعة أم القرى, ط 1418ه, ص 314.
(«20») ابن
كثير, البداية والنهاية, ط1, 1420, نقلا عن النموذج الإداري, المرجع السابق: ص
315.
(«21») النموذج
الإداري المستخلص, مرجع سابق:ص315.
(«22») محمد
القحطاني, النموذج الإداري, مرجع سابق: ص 315.
(«23») ابن
الجوزي, سيرة عمر بن عبد العزيز,تحقيق محب الدين الخطيب, مطبعة المؤيد, مصر, 1331
ه, ص 189.
(«24») محمد
القحطاني, النموذج الإداري, مرجع سابق: ص 316.
(«25») ابن
الجوزي, سيرة عمر بن عبد العزيز: ص 189.
(«26») ابو
محمد عبدالله بن الحكم, سيرة عمر بن عبد العزيز, دار العلم للملايين, بيروت: ص 33.
(«27») طوامير:
جمع طومار, وهو الصحيفة, أبن منظور, لسان العرب: ج 1 / ص 503.
(«28») ابن
الجوزي, سيرة عمر بن عبد العزيز: ص 88.
(«29») أبن
عبد الحكم, سيرة عمر بن عبد العزيز: ص 55.
(«30») النموذج
الإداري المستخلص, مرجع سابق: ص 319
(«31») محمد
بن جرير الطبري, تاريخ الأمم والملوك, دار الفكر, بيروت, ط1, 1407ه 1987م, ج 7 / ص
460 ,461 ,462.
(«32») عبد
الستار الشيخ, عمر بن عبد العزيز, دار القلم, دمشق: ص 275.
(«33»)
سورة القيامة ,، آية(14).
(«34»)
عوف محمود الكفراوي, سياسة الإنفاق العام في الإسلام وفي الفكر المالي الحديث,
دراسة مقارنة, مؤسسة شباب الجامعة, الإسكندرية, 1409ه 1989م: ص272.
(«35»)
أحمد عبدا لحليم بن تيميه, السياسة الشرعية: ص 29, 30, نقلا عن شوقي عبدا لساهي,
مراقبة الموازنة العامة للدولة في ضوء الإسلام, محب الدين الخطيب, مع الرعيل
الأول: ص 160.
(«36»)
الماوردي, الأحكام السلطانية, مرجع سابق: ص 163.
(«37»)
صحيح البخاري, كتاب الأحكام: ج 3 / ص12.
(«38»)
أبو يوسف, الخراج: ص 122.
(«39»)
الدكتور عبد الله أحمد فروان, حماية المال العام في الشريعة والقانون ,مرجع سابق:
ص26. و، آية, في سورة يوسف, رقم: 55.
(«40»)
دستور الجمهورية اليمنية ,الباب الثالث, تنظيم سلطات الدولة, الفصل الأول, السلطة
التشريعية ,المادة(136).
(«41»)
قانون الذمة المالية رقم(30) لسنة 2006م من يجب عليهم تقديم الإقرار حيث المادة(4).
(«42»)
قانون مكافحة الفساد رقم(39) لسنة 2006م ,الباب الثالث, المواد (20، 21، 22، 23).
(1)القانون رقم(39) لسنة 1992م بشأن الجهاز
المركزي للرقابة والمحاسبة, إصدار: وزارة الشئون القانونية, المواد(6) أ, هـ, ص 3,
4
(«43»)
قانون الخدمة المدنية, رقم:(19), لسنة 1991م .
(«44»)
قرار رئيس الوزراء, رقم:(27), لسنة 1998م, بشأن لائحة الجزاءات والمخالفات
الإدارية, الجريدة الرسمية, وزارة الشئون القانونية, عدد خاص.
(«45»)
قرار رئيس الوزراء, رقم:(27), لسنة 1998م, بشأن لائحة الجزاءات والمخالفات
الإدارية, الجريدة الرسمية, وزارة الشئون القانونية, عدد خاص.
(«46»)
قرار وزير المالية, رقم:(9), لسنة 2007م, بشأن التعليمات التنفيذية للموازنة
العامة للدولة, وزارة المالية, مطابع التوجيه, عدد خاص, ص 19 ,15 ,66.
(«47»)
اللائحة المالية للسلطة المحلية, الصادرة بالقرار الجمهوري رقم(24) لسنة
2001م, وزارة الإدارة المحلية, عدد خاص.
المصدر:
دراسة مقارنة للدكتور/ محمد حمود المطري، عضو الهيئة
الوطنية العليا لمكافحة الفساد - رئيس قطاع الذمة المالية
مشكووووووووووووووووووووووووور
ردحذفموضوع اكثر من رائع