إعلان "ليما" بشأن المبادئ الأساسية للرقابة المالية
ترجمة وتعليق
الأستاذ الدكتور/ طارق الساطي
مستشار ديوان المحاسبة في الإمارات العربية المتحدة
عن مجلة الرقابة المالية الصادرة عن المجموعة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة
نظراً لما ينطوي عليه هذا الإعلان من أهمية في إرساء قواعد أساسية بالنسبة للهيئات العليا للرقابة المالية، فقد رأينا ترجمة نصه إلي اللغة العربية ليكون موضوع اهتمام ودراسة من أجهزتنا الرقابية العربية. وسوف نعلن في ختام النص المترجم للإعلان علي بعض ما تضمنته من أحكام ومباد مبرزين مدى أهميتها في دفع الرقابة المالية العليا الخارجية إلي الأمام وفي توفير الضمانات والمؤيدات لها التي تجعلها أقوى أثراً وأكثر فعالية وفيما يلي نصه:
تمهيد:
- لما كان الاستخدام الفعال للأموال العامة يشكل أحد الدعامات الأساسية من أجل حسن إدارة تلك الأموال وفعالية القرارات الصادرة عن السلطات المختصة.
- وكان تحقيق هذا الهدف يتطلب أن يكون لدى كل بلد هيئة عليا للرقابة المالية يكفل القانون استقلالها وكان وجود مثل هذه الهيئات قد أصبح أكثر ضرورة بالنظر إلي أن الدولة قد وسعت من نشاطها الذي امتد إلي القطاعين الاقتصادي والاجتماعي الأمر الذي أدى بها لأن تعمل وراء حدود الإطار المالي التقليدي.
- وكانت الأهداف المحددة للرقابة المالية وهي الاستخدام الفعال والمناسب للأموال العامة وتطوير الإدارة المالية لتكون إدارة مالية سليمة، والتنفيذ المنظم لأوجه النشاط الإدارية وتبليغ المعلومات إلي السلطات العامة والجمهور من خلال نشر تقارير موضوعية ذات أهداف- تعتبر أمراً ضرورياَ من أجل استقرار الدول وتنميتها لتبقى ضمن الأهداف التي قررتها الأمم المتحدة.
- وكانت الجمعيات العامة في المؤتمرات الدولية السابقة للهيئات العليا للرقابة المالية، قد اتخذت قرارات وافقت علي إذاعتها ونشرها جميع الدول الأعضاء. لذلك فإن المؤتمر التاسع للهيئات العليا للرقابة المالية(إنتوساي) المنعقد في ((ليما)) يقرر ما يلي:
نشر وإذاعة الوثيقة المسماة "إعلان ليما" بشأن المبادئ الأساسية للرقابة المالية.
أولا: قواعد عامة
القسم(1): هدف الرقابة المالية:
إن مفهوم الرقابة المالية ونشأتها يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بمفهوم الإدارة العامة ذلك لأن إدارة الأموال العامة تتطلب الثقة وتمثل نوعاً من المسؤولية . والرقابة المالية ليست هدفاً نهائياً بحد ذاتها وإنما هي جزء أساسي من نظام الرقابة وهدفها:
- كشف الانحراف عن المعايير القياسية.
- وكشف مخالفة قواعد المشروعية والكفاءة والفعالية والتوفير في إدارة الأموال وذلك بسرعة كافية تجعل من الممكن اتخاذ الإجراءات التصحيحية في الحالات الفردية.
- وجعل الأفراد محل المسؤولية قابلين بالمسؤولية الملقاة علي كواهلهم.
- والحصول علي التعويض أو اتخاذ خطوات تحول دن إعادة ارتكاب أمثال هذه المخالفات أو على الأقل جعل تلك الإعادة أكثر صعوبة في المستقبل.
القسم (2) الرقابة المسبقة والرقابة اللاحقة:
1. تمثل الرقابة المسبقة نوعاً من الرقابة علي الأعمال الإدارية والمالية قبل حدوث الواقعة في حين تمثل الرقابة اللاحقة نوعاً من الرقابة بعد حدوث الواقعة.
2. إن الرقابة المسبقة الفعالة هي أمر ضروري من أجل إدارة الأموال العامة إدارة سليمة وهي يمكن أن تمارس من قبل هيئة الرقابة المالية العليا أو من قبل هيئات الرقابة المالية الأخرى.
3. وللرقابة المسبقة التي تقوم بها هيئة عليا فائدة كبيرة وذلك لكونها قادرة علي منع المخالفة أو الضرر قبل حدوثه، ولكن لها محذور واحد وهو أنها تؤدي إلي زيادة وتعقيد في إجراءات العمل وإلي ضياع المسؤولية التي يحكمها القانون العام أما الرقابة اللاحقة التي تمارسها هيئة الرقابة المالية العليا فإنها تلقي ضوءاً واضحاً علي مسؤولية الطرف محل المسؤولية كما أنها يمكن أن تؤدي إلي التعويض عن الضرر المتسبب ويمكن أن تحول دون إعادة ارتكاب المخالفات.
4. إن منح اختصاص الرقابة المسبقة للهيئة العليا للرقابة المالية في بلد ما يعتمد علي الوضع القانوني والظروف والمتطلبات الخاصة بذلك البلد، أما الرقابة اللاحقة فهي اختصاص ضروري يجب أن تمارسه هيئة الرقابة المالية العليا وذلك بصرف النظر عن كون تلك الهيئة تمارس الرقابة المسبقة أم لا.
القسم (3) الرقابة الداخلية والرقابة الخارجية:
1. إن مرافق الرقابة الداخلية يتم إنشاؤها عادة ضمن الجهات أو الهيئات ذاتها، بينما لا تعتبر مرافق الرقابة الخارجية جزءاً من البنية التنظيمية للهيئات الخاضعة لرقابتها. لذا فالهيئات العليا للرقابة المالية هي مرافق تمارس الرقابة الخارجية.
2. إن مرافق الرقابة الداخلية تتبع بالضرورة رئيس الهيئة التي تم إنشاء تلك المرافق ضمنها ومع ذلك فإن هذه المرافق يجب أن تظل مستقلة، من الناحيتين الوظيفية والتنظيمية بقدر الإمكان، ولكن ضمن البنية التنظيمية للهيئة التي تعمل ضمنها تلك المرافق.
3. إن الهيئة العليا للرقابة المالية بصفتها مرفقا يمارس الرقابة الخارجية، فإنها تملك اختصاص فحص مدى فعالية قيام مرفق الرقابة الداخلية بأعماله. وإذا ما ثبتت فعالية مرفق الرقابة الداخلية، فإن الجهود يجب أن تبذل دون تحيز لحق هيئة الرقابة المالية العليا في القيام برقابة شاملة من أجل إيجاد نوع من التوزيع الملائم للاختصاصات فيما بين الهيئة العليا للرقابة المالية ومرفق الرقابة الداخلية فضلاً عن تدعيم التعاون ينهما.
القسم (4) الرقابة الشكلية ورقابة الأداء:
1. إن المهمة التقليدية للهيئات العليا للرقابة المالية هي أن تراقب مدى مشروعية ونظامية الإدارة المالية والمحاسبية.
2. وإلي جانب هذا النوع من الرقابة، الذي لا ينازع أحد في أهميته وضرورته، هناك نوع أخر يركز اهتمامه علي مراقبة الأداء والفعالية والتوفير وكفاءة الإدارة العامة.
وهذا النوع من الرقابة لا يهتم بمراقبة مظاهر معينة فقط من الإدارة بل أنه يراقب جميع أوجه نشاطها ومن ضمنها، التنظيم والنظم الإدارية.
3. إن أهداف الرقابة المالية التي تمارسها الهيئات العليا للرقابة المالية- وهلي المشروعية والنظامية والكفاءة والفعالية والتوفير في الإدارة المالية- تعتبر جميعها ذات أهمية متساوية ويترك لهيئة الرقابة المالية العليا تحديد الأهمية النسبية التي تعطى لكل منها.
ثانياً- الاستقلال
القسم(5) استقلال الهيئات العليا للرقابة المالية:
1. إن الهيئات العليا للرقابة المالية يمكنها أن تقوم باختصاصاتها بصورة موضوعية وفعالة، إذا كانت مستقلة عن الجهة الخاضعة لرقابتها وكانت تتمتع بالحماية ضد النفوذ الخارج عنها.
2. رغم أن الهيئات التابعة للدولة عادة لا يمكن أن تتمتع باستقلال مطلق لأنها جزء من الدولة إلا أن هيئات الرقابة المالية العليا يجب أن يتوفر لها الاستقلال الوظيفي والتنظيمي كي تتمكن من القيام بأعمالها واختصاصاتها.
3. يجب أن ينص دستور الدولة علي إنشاء الهيئة العليا للرقابة المالية فيها، وعلى الدرجة الضرورية من الاستقلال اللازم لها. أما تفصيلات ذلك فتترك إلي القانون . هذا ولابد من تقرير حماية تشريعية ملائمة لهذا الاستقلال توجب الرجوع إلي محكمة عليا للطعن في أي تدخل يتضمن المساس باستقلال الهيئات العليا للرقابة المالية واختصاصاتها الرقابية.
القسم (6)- استقلال أعضاء وموظفي الهيئة العليا للرقابة المالية:
1. إن استقلال الهيئات العليا للرقابة المالية مرتبط ارتباطا غير قابل للفصل باستقلال أعضائها. والأعضاء هم الأشخاص اللذين يجب عليهم وضع القرارات للهيئة العليا للرقابة المالية كما أنهم مسئولون عنها أمام طرف ثالث وهؤلاء الأعضاء يظهرون أما بصورة مجموعة من الأعضاء في هيئة تتولى وضع القرار بمجموع أعضائها لهيئة الرقابة أو بصورة عضو واحد هو رئيس هيئة الرقابة المالية العليا وذلك في حال تنظيم هذه الهيئة على أساس فردي.
2. استقلال الأعضاء يجب أن يكفله الدستور أيضاً كما إن إجراءات إقالتهم من وظائفهم يجب أن ينص عليها الدستور ولكن بالشكل الذي لا يؤدي إلي الإضعاف من استقلالهم. إن أسلوب تعيين الأعضاء وإقالتهم من مناصبهم يعتمد علي البنية الدستورية لكل بلد.
3. أما بخصوص ممارسة وظائفهم فإن مدققي الهيئات العليا للرقابة يجب أن لا يتعرضوا أثناء ذلك لضغوط من الجهات الخاضعة لرقابتهم، كما أنه لا يمكن أن يكونوا خاضعين ولا تابعين لتلك الجهات.
القسم (7) الاستقلال المالي للهيئات العليا للرقابة المالية:
1. إن الهيئات العليا للرقابة المالية يجب أن تكون مزودة بالوسائل المالية التي تمكنها من القيام بأعمالها على أكمل وجه.
2. وإذا لزم الأمر فيجب أن تكون الهيئات العليا للرقابة المالية مخولة بان تطلب مباشرة من السلطة المختصة باعتماد الميزانية التقديرية للدولة بأن تمنحها الاعتمادات المالية اللازمة.
3. إن الهيئات العليا للرقابة المالية يجب أن تكون مخولة بأن تستعمل ضمن حدود مسؤوليتها الاعتمادات المخصصة لها في القسم الخاص بها من الميزانية التقديرية للدولة.
ثالثاً: العلاقة بالسلطة التشريعية والحكومة والإدارة التنفيذية:
القسم (8) العلاقة بالسلطة التشريعية
إن استقلال الهيئات العليا للرقابة المالية يكفله الدستور والقانون ويتطلب هذا الاستقلال أيضاً أن تتمتع هذه الهيئات بدرجة عالية من حق المبادرة والاستقلال الذاتي حتى في حال قيامها بالعمل نيابة عن السلطة التشريعية وممارستها للرقابة المالية بناءً علي توجيه من هذه السلطة . إن العلاقة ما بين الهيئة العليا للرقابة المالية والسلطة التشريعية يجب أن ينظمها الدستور وذلك وفقاً لظروف ومتطلبات كل بلد.
القسم (9) العلاقة بالحكومة والإدارة التنفيذية:
إن الهيئة العليا للرقابة المالية تراقب أوجه نشاط الحكومة وسلطاتها الإدارية وغيرها من الهيئات التابعة لها. ولكن هذا لا يعني أن الحكومة تابعة للهيئة العليا للرقابة المالية، فالحكومة تتحمل بوجه خاص المسؤولية الكاملة عن أعمالها وعن إهمالها في القيام بتلك الأعمال ولا يمكنها أن تتحلل من هذه المسؤولية مستندة في ذلك إلي عمليات التدقيق التي تقوم بها الهيئة العليا للرقابة المالية أو إلي آراء بعض خبراء هذه الهيئة، ما لم تكن آراء أولئك الخبراء قد سلمت إليها على وجه قانوني أو صدرت بصورة أحكام قابلة للتنفيذ.
رابعاً: سلطات الهيئات العليا للرقابة المالية:
القسم (10): سلطات التحقيق:
1. إن الهيئات العليا للرقابة المالية يجب أن يكون لها الحق في الحصول على كل السجلات والوثائق المتعلقة بالإدارة المالية. كما أنها يجب أن تكون مخولة بأن تطلب شفوياً أو خطياً من الهيئة الخاضعة للرقابة أية معلومات ترى أنها ضرورية.
2. إن الهيئة العليا للرقابة المالية يجب أن يكون لها الحق في أن تقرر ما إذا كان من المناسب أن تقوم برقابتها في مقر الهيئة الواجب مراقبتها أو في مقر الهيئة العليا للرقابة المالية.
3. إن تحديد المدى الزمني من أجل تقديم معلومات أو وثائق أو سجلات أخرى ومن ضمنها الحسابات الختامية إلي الهيئة العليا للرقابة المالية، يجب أن يتم في حالات محددة أما في القانون أو من قبل الهيئة العليا للرقابة المالية نفسها.
القسم(11): تنفيذ ملاحظات الهيئة العليا للرقابة المالية:
1. إن الهيئات الخاضعة للرقابة يجب أن تعلق على ملاحظات الهيئة العليا للرقابة المالية وذلك ضمن الفترة الزمنية المحددة لذلك في القانون عادة أو من قبل الهيئة العليا للرقابة المالية، كما يتوجب عليها أن تشير أيضاً إلي الإجراءات أو التدابير المتخذة من قبلها نتيجة تلك الملاحظات.
2. إذا لم يتم تسليم ملاحظات الهيئة العليا للرقابة المالية إلي الجهة المسؤولية بالشكل القانوني الصحيح أو بصورة أحكام قابلة للتنفيذ، فإن الهيئة العليا للرقابة المالية يجب أن تكون مخولة مع ذلك أن تقترح على السلطة المختصة اتخاذ جميع التدابير الضرورية للمحافظة على حقوق الدولة ومطالبة الطرف محل المسؤولية بقبول تلك المسؤولية وتنفيذ ملاحظات هيئة الرقابة.
القسم(12) – آراء الخبراء وسلطات المعاونة الأخرى:
1. في بعض الحالات الهامة وبناء علي طلب السلطة التشريعية أو الإدارة، يمكن أن يصدر خبراء الهيئة العليا للرقابة المالية بعض الآراء كما يمكن للهيئة العليا نفسها أن تضمن تلك الآراء تعليقات على بعض قوانين مقترحة أو نظم أخرى تتعلق بقضايا مالية. وهنا يجب أن تتحمل السلطات الإدارية، المسؤولية وحدها نتيجة قبولها لهذه الآراء أو رفضها. كما أن قيام هيئة الرقابة وخبرائها بهذا العمل وإبدائهم تلك الآراء لن يؤثر على ملاحظاتها المستقبلية ولا على فعالية قيامها بعملها الرقابي.
2. ومن جهة أخرى نجد أن هناك بعض مشاريع النظم المتعلقة بالإجراءات المحاسبية يتطلب الأمر عرضها أحياناً على الهيئات العليا للرقابة المالية، حرصاً على سلامتها وانتظامها، وعندئذ لا يمكن للجهات المختصة إصدارها إلا بعد الاتفاق بشأنها مع هيئات الرقابة.
خامسا- أساليب الرقابة المالية- جهاز موظفي الرقابة المالية- التبادل الدولي للمعرفة
القسم(13): أساليب الرقابة المالية وإجراءاتها:
1. إن الهيئات العليا للرقابة المالية يجب أن تقوم بالرقابة وفقا لبرنامج تضعه بنفسها. إن حقوق الأشخاص العامة في المطالبة بنوع معين من الرقابة المالية في حالات محددة، يجب أن تظل مقبولة وتعتبر أمرا طبيعيا.
2. إن الرقابة نادرا ما تكون رقابة كاملة على جميع العمليات، لذلك فإن الهيئات العليا للرقابة المالية سوف تجد، كقاعدة عامة، أنه من الضروري لها استعمال أسلوب الرقابة (بالعينة)، بحيث يجب في مثل هذه الحالة، أن يتم اختيار العينات بناء علي مخطط محدد وبالشكل الذي يجب أن تكون فيه تلك العينات متعددة بما فيه الكفاية كي تجعل من الممكن الحكم على الإدارة من حيث المشروعية والكيف.
3. إن أساليب الرقابة يجب أن تكون دوما مواكبة لتقدم العلوم والتقنية المتعلقة بالإدارة.
4. إنه من الملائم أن يتم إعداد دليل للرقابة الداخلية ليكون مساعدا للمدققين في قيامهم بأعمالهم.
القسم(14)- جهاز موظفي الرقابة:
1. إن أعضاء وجهاز موظفي الرقابة في الهيئات العليا للرقابة المالية يجب أن تكون لديهم المؤهلات والاستقامة السلوكية المطلوبة للقيام بأداء مهامهم على الوجه الأكمل.
2. في حال اختيار جهاز الموظفين للهيئات العليا للرقابة المالية، فإن الاهتمام الخاص يجب أن يعطى للمعرفة ذات المستوى العالي وللقدرات وللخبرة المهنية المناسبة.
3. يجب أن يركز أكبر الاهتمام على التنمية المهنية، من الناحيتين النظرية والعملية، لجميع أعضاء وجهاز موظفي الرقابة في الهيئات العليا للرقابة المالية وذلك سواء تمت هذه التنمية داخل هيئة الرقابة نفسها أو في الجامعة أو على المستويات الدولية، كما أن مثل هذه التنمية يجب أن تدعم بكل الوسائل الممكنة المالية منها والتنظيمية. وهذه التنمية يجب أن تتجاوز حدود المعرفة التقليدية القانونية والاقتصادية والمحاسبية ويجب أن تشمل الأساليب التقنية الأخرى في إدارة الأعمال كالتزويد الآلي (الإلكتروني) بالمعلومات.
4. ولكي نضمن الحصول على جهاز موظفين لهيئات الرقابة من النوع الممتاز، فيجب أن تكون رواتب هؤلاء الموظفين متكافئة مع المستلزمات الخاصة المطلوبة للقيام بالعمل الرقابي.
5. إذا كان جهاز موظفي الرقابة في الهيئة العليا للرقابة المالية لم يتمكن من معاجلة بعض حالات معينة تتطلب معالجتها معرفة مهنية خاصة،فإنه لابد في الحالة هذه من الاستعانة بخبراء من خارج الهيئة.
القسم(15)- التبادل الدولي للمعرفة-
1. إن التبادل الدولي للأفكار والخبرات ضمن المنظمة الدولية للهيئات العليا للرقابة المالية، هو وسيلة فعالة لمساعدة الهيئات العليا للرقابة المالية على القيام بمهامها.
2. وقد تمت خدمة هذا الهدف، حتى الآن من خلال المؤتمرات والحلقات الدراسية التدريبية التي نظمت، بالتعاون مع الأمم المتحدة ومجموعات العمل الإقليمية، ومن خلال إصدار مجلة علمية مهنية.
3. إنه لمن المرغوب فيه أن تكثف الجهود وتتوسع الأنشطة في هذا المجال إلي أبعد حد، كما يجب أن نعطي في نفس الوقت الاهتمام الأول لموضوع تطوير وإيجاد مصطلحات منسقة وموحدة للرقابة المالية العامة وذلك انطلاقا من القانون المقارن.
سادساً – التقارير
القسم(16) تقديم التقارير إلي السلطة التشريعية والجمهور:
1. إن الهيئة العليا للرقابة المالية يجب أن تخول وتطالب، بنص دستوري بأن تقدم سنويا وبصورة مستقلة تقارير إلي السلطة التشريعية أو إلي أية سلطة عامة أخرى مختصة، وتضمنها ملاحظاتها. ويجب أن ينشر هذا التقرير ولا شك أن هذا الأسلوب سوف يكفل الاطلاع على معلومات واسعة ومناقشتها كما يكفل الاطلاع على معلومات أكثر ملائمة لتنفيذ الملاحظات التي أبدتها الهيئة العليا للرقابة المالية.
2. إن الهيئة العليا للرقابة المالية يجب أن تخول أيضا أن تقدم تقارير أخرى، في كل وقت تراه مناسبا- مابين موعدي تقديم التقرير السنوي- وذلك بشان الملاحظات التي تكون على مستوى معين من الأهمية والخطورة.
3. إن التقرير السنوي يجب أن يتضمن تغطية جميع أوجه نشاط الهيئة العليا للرقابة المالية أما بالنسبة للقضايا الجديرة بالمحافظة علي سريتها لذاتها أو بناء على نص القانون، فيجب على هيئة الرقابة المالية العليا أن توازن بدقة قبل نشرها، ما بين أهمية المحافظة على سريتها وبين المنفعة التي سوف تحقق من إفشائها.
القسم(17): أسلوب التقرير:
1. إن التقارير يجب أن تطرح الوقائع وتقومها بأسلوب موضوعي وواضح وأن تكون معالجتها محصورة بالقضايا الجوهرية الهامة فقطكما يجب أن تكون صياغة التقارير دقيقة ومفهومة.
2. إن وجهة نظر الهيئات و الوحدات الخاضعة للرقابة بخصوص الرد علي ملاحظات الهيئة العليا للرقابة المالية يجب أن تعطى الأهمية المطلوبة في التقرير.
سابعا: الاختصاصات الرقابية للهيئات الرقابية المالية:
القسم(18) الأساس الدستوري للاختصاصات الرقابية، مراقبة الإدارة المالية للدولة:
1. إن الاختصاصات الرقابية الأساسية للهيئات العليا للرقابة المالية يجب أن ينص عليها في الدستور أما الاختصاصات التفصيلية فيمكن أن ينص عليها في القانون.
2. إن القواعد الأساسية المتعلقة بتنظيم الاختصاصات الرقابية للهيئات العليا للرقابة المالية يجب أن تعتمد على الظروف والمتطلبات الخاصة بكل بلد.
3. إن الإدارة المالية العامة تخضع بكاملها لرقابة الهيئات العليا للرقابة المالية وذلك سواء ظهرت تقديرات اعتماداتها في الميزانية العامة التقديرية القومية أم لا وبصرف النظر عن الشكل الذي تظهر به فيها هذه التقديرات. لذا فإذا استدعى الأمر إبعاد بعض أقسام من الإدارة المالية العامة عن الميزانية العامة التقديرية فغن ذلك يجب أن يؤدي إلي إعفاء تلك الأقسام من الرقابة التي تمارسها الهيئات العليا للرقابة المالية.
4. على الهيئات العليا للرقابة المالية أن تكافح عند قيامها بالرقابة من أجل الوصول إلي وضع تبويب مترابط ودقيق للميزانية التقديرية فضلا عن وضع أنظمة محاسبية دقيقة وبسيطة بقدر الإمكان.
القسم(19) مراقبة السلطات العامة والهيئات الأخرى في الخارج:
إن السلطات العامة والهيئات الأخرى المنشأة في الخارج يجب أن تخضع لقاعدة عامة لرقابة الهيئة العليا للرقابة المالية كما أن القيام بالرقابة في مقر تلك السلطات أو الهيئات يستوجب من هيئة الرقابة إعطاء الاعتبار المطلوب للقيود التي يفرضها القانون الدولي، ومع ذلك وفي بعض الحالات التي يمكن تبريرها واقعيا لا بدو أن يأتي اليوم الذي تخفف فيه هذه القيود وذلك نظرا للتطور الفعال والمستمر للقانون الدولي.
القسم(20) مراقبة الضرائب:
1. إن الهيئات العليا للرقابة المالية يجب أن تخول سلطة مراقبة تحصيل الضرائب إلي أبعد حد ممكن كما يجب أن تخول- وهي تقوم بذلك- سلطة التدقيق في الإضبارات الضريبية الفردية.
2. إن الرقابة على الضرائب هي رقابة مشروعية ورقابة نظامية، ولكن مع ذلك يجب على الهيئات العليا للرقابة المالية حين مراقبتها تطبيق القوانين الضريبية وأن تراقب تحصيل الضرائب من جانبي الكفاءة والتنظيم وتتأكد من مدى تحقيق ذلك للأهداف المرسومة للإيرادات العامة، كما يتوجب عليها أيضا. إن كان ذلك مناسبا أن تقترح على السلطة التشريعية ما ترى إدخاله من إصلاحات وتحسينات في هذا الجانب.
القسم(21) العقود العامة وعقود الأشغال العامة:
1. إن الأموال الضخمة التي تنفقها السلطات العامة على العقود ولا سيما عقود الأشغال تبرر بوجه خاص فرض رقابة كاملة قوية على الأموال المستخدمة من أجل ذلك.
2. إن الدعوة العامة لتقديم عطاءات(أي المناقصة العامة) هي الأسلوب الأكثر ملائمة للحصول علي العرض الأفضل من حيث السعر والجودة، لذا يتوجب على الهيئة العليا للرقابة المالية أن تبحث عن الأسباب في كل مرة لا توجه فيها جهة الإدارة دعوة عامة لأصحاب العطاءات للتقدم بعطاءاتهم(أي لا تجري مناقصة عامة).
3. عند مراقبتها لعقود الأشغال، يجب علي الهيئة العليا للرقابة المالية أن تطالب بضرورة وضع معايير ملائمة من أجل قياس الاستمرار في تنفيذ هذه الأشغال.
4. إن الرقابة على عقود الأشغال العامة يجب ألا تركز اهتمامها على مشروعية المدفوعات فحسب بل يجب أن تهتم أيضا بكفاءة إدارة إنشاء المشروع فضلا عن اهتماما بالكيفية والجودة اللتين ينجز بهما العمل في ذلك المشروع.
القسم(22) مراقبة تسهيلات التزويد بالمعومات آلياً:
إن حجم الأموال المصروفة من أجل الحصول على تسهيلات التزويد بالمعلومات آليا، تتطلب مراقبتها مراقبة خاصة ومناسبة. فمثل هذه الرقابة يجب أن تكون على نظام التزويد نفسه كما يجب أن تركز اهتمامها بوجه خاص على ضرورة تخطيط المتطلبات، وعلى الاستخدام الاقتصادي لمعدات التزويد بالمعلومات وعلى استخدام موظفين ذوي خبرة مناسبة ويفضل أن يكونوا من ضمن إدارة الوحدة الخاضعة للرقابة، وعلى منع إساءة الاستعمال، وعلى الفائدة المتحققة من المعلومات المقدمة.
القسم(23) المشروعات الصناعية والتجارية التي تشارك الدولة فيها:
1. إن توسع النشاط الاقتصادي للحكومات يأخذ دوما شكل مشروعات يتم إنشاؤها في ظل القانون الخاص. إن هذه المشروعات يجب أن تكون أيضا خاضعة لرقابة الهيئة العليا للرقابة المالية إذا كان للحكومة مساهمة مادية فيها، وخاصة إذا كانت نسبة تلك المساهمة تمثل الحصة الكبرى في المشروع، أو إذا كان للدولة سلطة عليه.
2. إن من المناسب أن تتخذ مثل هذه الرقابة في التطبيق شكل رقابة لاحقة كما أنها يجب أن تأخذ في اعتبارها أيضا مراقبة جوانب لتوفير والكفاءة والفعالية.
3. إن التقارير المقدمة بشأن أمثال هذه المشروعات إلي السلطة التشريعية وإلي الجمهور يجب أن تفرض عليها بعض القيود المطلوبة التي تحول دون نشرها بعض المعلومات وذلك من أجل حماية الأسرار التجارية و الصناعية.
القسم(24) الهيئات المعانة:
1. إن الهيئات العليا للرقابة المالية يجب أن تخول سلطة مراقبة استعمال الإعانات الممنوحة من الأموال العامة.
2. إن الرقابة على الهيئات المعانة يمكن أن تمتد لتشمل الإدارة المالية للهيئة المعانة برمتها وذلك في الأحوال التي يتطلب هدف الرقابة ذلك وخاصة عندما يكون مقدار الإعانة كبيرا، إما بذاتها أو بالنسبة لإيرادات الهيئة أو مركزها الرأسمالي.
3. إن إساءة استعمال الإعانات يجب أن تؤدي إلي المطالبة باستردادها.
القسم(25) مراقبة المنظمات الدولية والمنظمات الفوقومية supranational
1.إن المنظمات الدولية والفوقومية التي يتم تغطية نفقاتها من خلال مساهمات الدول الأعضاء تتطلب مراقبتها مراقبة خارجية مستقلة متماثلة لتلك الرقابة في داخل الدول.
2. ورغم أن هذه الرقابة يجب أن تكون ملائمة لبنية ومهام المنظمة ذات الشأن إلا أنها يجب أن تنظم على أسس وأساليب مماثلة لتلك الموجودة في الهيئات العليا للرقابة المالية في دول الأعضاء.
3. من أجل ضمان استقلال مثل هذه الرقابة فإن أعضاء هيئة الرقابة الخارجية على هذه المنظمات يجب أن يسمو من ضمن الهيئات العليا للرقابة المالية في الدول الأعضاء.
وهذه يتبين من خلال دراسة نص هذا الإعلان وما حوته المبادئ التي طرحها ما يلي:
1. أنه يمثل وثيقة هامة اتفقت عليها أغلب دول العالم وتصلح لأن توصف بدستور نموذجي للرقابة المالية يضع بين أيدي الدول جميعها المبادئ الأساسية التي تصور ما يجب أن يكون عليه نظام الرقابة التي تمارسها الهيئات العليا للرقابة المالية في الوقت الحاضر. وذلك لكي تستطيع هذه الرقابة مواكبة التقدم العلمي والحضاري من جهة والتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الدول الحديثة من جهة أخرى، ولعلنا نلمس هذا واضحا في جميع جوانب الإعلان بدءا من الأهداف وانتهاء بنطاق اختصاصات الرقابة . ورغم أن الإعلان قد أخذ صفة العموم في توجيه هذه المبادئ إلي جميع دول العالم، لكنه لم يفترض أن جميع تلك الدول سوف تتبنى تلك المبادئ وتضعها جميعها موضوع التطبيق في نظمها الرقابية بنفس المستوى وبنفس السرعة واليسر لأنه يعلم علم اليقين أن هذه الدول ليست في أوضاع دستورية وقانونية واقتصادية واجتماعية واحدة ولأن الأصل في نظام الرقابة أن يأتي منسجما مع تلك الأوضاع بحيث لا يكون متخلفا عنها وعندها تفقد الرقابة قيمتها واحترامها والمبرر الأساسي لوجودها ولا يكون متقدما عنها وإلا تعرضت الرقابة لحرب شعواء من أجهزة التوجيه والتنفيذ وفقدت التعاون معها وغدت في برج عاجي لا تستطيع تحقيق أهدافها كأنها نتيجة لا تحقق بعد مقدماتها المنطقية ولكن هذا لا يعني أن تلقي هيئة الرقابة في الحالتين عصا الترحال وتترك الحبل علي الغارب وتنتظر أن يأتي الإصلاح من أجهزة الدولة بل عليها في الحالة الأولى أن تطور نفسها مستعينة بمبادئ هذا الإعلان وبالشكل الذي تصبح فيه مسايرة من حيث خبراتها وأساليب رقابتها واهتمامها وفحوى تقريرها للتطور الحضاري في بلدها. أما في الحالة الثانية فيجب عليها أن تسعى بجد وإخلاص للمطالبة بإصلاح أجهزة الدولة الأخرى ودفع حركة ذلك الإصلاح إلي الأمام والمساهمة مساهمة فعالة في تحقيقه باعتبارها تمثل في مجتمعها مؤسسة ناضجة فكريا وعمليا وقادرة على أكثر من غيرها على وصف الحل بعد تشخيص المشكلة وهنا لا بد من التوافق ما بين الحل والمشكلة وألا تظل حركة الإصلاح وما ترتب عليها من حلول ونظم مجرد واجهات نظرية غير قابلة للتطبيق. لذلك كله فقد لجأ الإعلان في أكثر من موضع وحرصا منه على أن يأتي المبدأ الرقابي منسجما مع وضع البلد الذي سوف يطبق فيه إلي ترك تطبيق المبدأ إلي كل دولة وفقا لأوضاعها وظروفها. ولعلنا نجد ذلك واضحا في حديث الإعلان عن الرقابة المسبقة وعن توزيع الاختصاص ما بين الرقابتين الداخلية والخارجية وعن تحديد الأهمية النسبية لأنواع الرقابة من خلال أهدافها وفي حديثه عن المحافظة على الاستقلال العضوي لموظفي هيئة الرقابة وفي تنظيم الاختصاصات الرقابية. هذا وقد فضل الإعلان في كل المبادئ التي طرحها إطار عرض العموميات دون الدخول في التفصيلات تاركا إياها من حيث تفصيل النظم الرقابية إلي تشريعات الدول نفسها لتحددها وفقا لأوضاعها، ومن حيث تفصيلات المعايير والمؤشرات والأساليب التطبيقية المتعلقة بالرقابة. إلي ما سوف يسفر عنه البحث العلمي والتطبيقي في المؤتمرات والحلقات الدراسية والتدريبية علي المستويين الدولي والداخلي وبعض الجامعات والمعاهد والهيئات الرقابية من نتائج ودراسات وفقا لطبيعة كل عملية وظروف كل نشاط كما قام هذا الإعلان في نفس الوقت بتغطية أهم المبادئ التي تحكم الرقابة المالية دون أن يهمل في ذلك عرض أي مبدأ أساسي منها – عدا ما ذكرناه أدنها بشان المساءلة التأديبية- ويتردد في مخاطبة أي فئة أو سلطة لها صلة بتلك الرقابة مبتدئا في ذلك بالسلطة التأسيسية وما يجب أن تضمنه الدستور أحكام رقابية ومنتهيا بفئة المدققين بهيئة الرقابة الذين عالج كيفية تنمية خبراتهم وأساليب قيامهم باختصاصاتهم بل وحتى أسلوب تحديد رواتبهم مؤكدا في كل ذلك الالتزام بالموضوعية وترسيخ واحترام مبادئ المشروعية والكفاءة والفاعلية في إدارة الأموال العامة متخذا من المستوى العلمي والقدرات الفكرية والخبرات العلمية والاستقامة السلوكية للفرد أساسا لاختياره في فئة الموظفين الفنيين في هيئة الرقابة منطلقا في كل معالجاته من الواقع التطبيقي المدعم بالخلفية العلمية والنظرية.
هذا وعلى الرغم من أنه يبدو لأول وهلة أن كثيرا من المبادئ التي أتى بها الإعلان كان قد تم إقرارها في المؤتمرات العليمة التي عقدتها المنظمة الدولية للهيئات العليا للرقابة المالية(انتوساي) من سنة 1953 وحتى قبل صدور هذا الإعلان إلا أننا مع ذلك لا نستطيع أن نكرر الدور الهام الذي قام به هذا الإعلان ولا نقلل من الفوائد التي تحققت بنتيجته لهيئات الرقابة العليا وذلك لكونه قد قام بتجميع المبادئ وتصنيفها تصنيفا موضوعيا دقيقا وأخذ بأحداثها وأبرز الأسس الهامة التي أردا لفت النظر إليها وأضاف إليها مبادئ جديدة استجدت خلال تلك الحقبة من الزمن وأعدها جميعها لتظهر في وثيقة واحدة أقرت الدول نشرها في ليما سنة 1977.
2. وضع الإعلان في الجزء المخصص تحديدا عاما لأهداف الرقابة وبين مفهوم كل من الرقابتين المسبقة واللاحقة موضحا المزايا والمحاذير لكل منها ثم رسم فاصلا واضحا ما بين الرقابتين الداخلية والخارجية مبينا كيفية التنسيق بينهما وحاثا على ضرورة التعاون بينهما حين ممارستهما لاختصاصاتهما
ثم بين لنا أهداف وأهمية كل من الرقابة الشكلية ورقابة الأداء وقد ساوى بينهما في الأهمية من حيث المبدأ وذلك خلافا لما جرى عليه بعض المتطرفين من الكتاب من دعاة الإصلاح بتقليلهم من أهمية الرقابة الشكلية والمطالبة بتضييق نطاقها والاهتمام فقط برقابة الأداء وبذلك يكون الإعلان قد سلك مسلكا علميا معتدلا عندما ساوى بينهما في ذلك تاركا لهيئة الرقابة العليا حسب ظروفها تقدير الأهمية النسبية لكل نوع وقد ظل الإعلان في هذا الجزء في إطار العرض العام للأفكار الأمر الذي يستوجب الرجوع إلي الأبحاث والدراسات العلمية سواء على المستوى الفردي أو الجماعي من أجل معالجة تفصيلات ذلك.
2. ركز الإعلان اهتمامه الكبير على استقلال الهيئات العليا للرقابة المالية واعتبره الأساس الأول الذي يمكن هيئة الرقابة من القيام بمهامها بصورة موضوعية وفعالية كما أوجب تقرير درجة هذا الاستقلال في الدستور وحمايته بمؤيدات قضائية وهو في غاية في ما تتمناه هيئات الرقابة العليا لأن النص على الاستقلال في الدستور يجعله بمثابة قيد تفرضه السلطة التشريعية بالشكل الذي لا تستطيع فيه هذه الأخيرة أن تمسه أو تخرج عنه عن إصدارها القوانين المنظمة للرقابة العليا. وتبدو أهمية ذلك بوجه خاص عندما تمارس السلطتان التشريعية والتنفيذية من قبل شخص واحد أو هيئة واحدة في الدولة، وقد عالج الإعلان الاستقلال من جوانبه الثلاثة وهي: الوظيفي والعضوي والمالي، وأرسى القواعد الأساسية المتعلقة بكل جانب ثم أكد على ضرورة تنظيم العلاقة ما بين هيئة الرقابة والسلطة التشريعية والحكومة والإدارة التنفيذية وذلك حفاظا على استقلال هيئة الرقابة ووضع مبادئ عامة في هذا الِشأن وترك للدستور النص عليها وعلى تفصيلاتها، الأمر الذي يكشف لنا بوضوح أن هيئة الرقابة العليا التي تفقد استقلالها تفقد وجودها وقدرتها علي القيام بأعمالها بموضوعية وتجرد هذا رغم أن الإعلان لم يحدد لنا بصراحة الجهة التي يجب أن تعمل هيئة الرقابة بالنيابة عنها وتكون بالتالي ملحقة بها إلا أننا يمكن أن نستنتج ذلك من دلالة بعض أحكامه بـأن يحاول أن ييسر في ذلك وفي الاتجاه الذي ينسجم مع أسس نشأة هذه الرقابة الذي يتطلب أن تعمل هيئة الرقابة نيابة عن السلطة التشريعية الشعبية ويتقدم إليها بخلاصة أعمالها. ولكننا وإن كنا نلمس ذلك من دلالة بعض الأحكام من موضوع معين من الإعلان إلا أننا نجده في موضوع أخر يؤكد بصريح العبارة على أن يكون لهيئة الرقابة حق المبادرة والاستقلال الذاتي حتى ولو كانت تعمل بالنيابة عن السلطة التشريعية ولا شك أن التوسع في السير في هذا الاتجاه سوف يعيد إلي الأذهان ما قاله الفقيه المالي الفرنسي(Marce) من اعتبار سلطة الرقابة سلطة رابعة مستقلة في الدولة.
3. وفي الجزء الرابع من الإعلان عرضت سلطات الهيئات العليا للرقابة المالية وهي بمثابة مؤيدات قانونية تدعم الرقابة وتقويها إذ تمكنها من التحقيق وطلب المعلومات والاطلاع على الأوراق وتجديد مقر عملها والمطالبة بوجوب تنفيذ ملاحظاتها والرد عليها وفرض المسؤولية.
وهناك كثير من الهيئات العليا للرقابة المالية من يفتقر لمثل هذه المؤيدات مما يجعل رقابتها تقدم الملاحظات فقط دون أن تتمكن من فرضها أو المطالبة بتنفيذها هذا ومما يؤخذ علي الإعلان هنا ويتناول بالبحث سلطات هيئة الرقابة العليا. إنه لم يتعرض إلي موضوع المساءلة التأديبية ودور هيئة الرقابة العليا فيها وكأنه يريد أن يترك الأمر في ذلك إلي كل دولة تعالجها حسب ظروفها ولكننا كنا نفضل لو أنه أرسى بعض القواعد في هذا الجانب كي يميل الطريق للدول في ذلك.
4. في الجزء الخامس بحث الإعلان ثلاثة مواضيع تتضمن أولها بحث أساليب الرقابة وإجراءاتها وقد أتى الإعلان هنا بقواعد مفيدة إذ أوجب علي هيئة الرقابة أن تهتم بالأخذ بنظام التخطيط وتنطلق من خطة عمل من أجل قيامها برقابتها ويشجعها علي الأخذ بأسلوب الرقابة(بالعينة) وبين لها كيفية ذلك وأوجب أن تكون أساليب الرقابة مواكبة لتقدم العلوم والتقنية المتعلقة بالإدارة وطالب بإعداد دليل للرقابة الداخلية وهذه كلها أمور جوهرية لها دورها الكبير في ترشيد الرقابة والرفع من مستواها وتركيز اهتمامها علي القضايا الجوهرية. أما الموضوع الثاني فهو( جهاز موظفي الرقابة) وقد عالج الإعلان الأسس التي يجب أن يقوم عليها توصيف وظائف هذا الجهاز والمعايير الموضوعية لانتقاء موظفيه وكيفية تنمية خبراتهم وأكد بشدة أن تناول هذه التنمية توسيع إطار ثقافاتهم بحيث تناول دراسة احدث الأساليب التقنية في إدارة الأعمال إلي جانب الاهتمام بالدراسات المالية والمحاسبية والاقتصادية والقانونية كل ذلك وبالشكل الذي يوفر لهيئة الرقابة الإمكانيات البشرية الممتازة وهي الوسيلة الأولى التي تساعدها علي تحقيق أهدافها لأن لأي هيئة رقابية ربما تضع أفضل الأنظمة الرقابية وتضع لها أفضل المعايير القياسية ولكنها لا تجد جهازا من الموظفين- يتمتع بالخبرات والمؤهلات المتطورة- قادرا على تطبيقها والقيام بها وهذا ما تقاسي منه أغلب الدول النامية التي يجب أن تسعى هيئات الرقابة لديها وتعقد العزم جاهدة في سبيل وضع الخطط واستعمال مختلف الإمكانيات من أجل إعداد موظفيها الفنيين وتدريبهم مستفيدة في ذلك من جميع الوسائل والإمكانيات داخل الدولة وخارجها. الموضوع الثالث في هذا الجزء هو التبادل الدولي للمعرفة وقد اتبع الإعلان هنا أسلوب عرض أوجه النشاط التي تمت في هذا المجال على المستوي الدولي وأكد في ختام معالجته لهذا الموضوع على ضرورة تكثيف الجهود وتوسيع الأنشطة في هذا المجال مطالبا أن تركز الدول اهتمامها الأول على إيجاد مصطلحات منسقة وموحدة للرقابة المالية بينها.
5. وقد خصص الجزء السادس من الإعلان( التقارير) بين في هذا الجزء الجهة التي تقدم إليها التقارير مبرزا أهميتها في نشر المعلومات وفي خلق جو أكثر ملائمة لتنفيذ الملاحظات التي تبديها هيئة الرقابة وطلب بنشرها وترك لهيئة الرقابة تقدير سرية ما ينشر فيها وأكد على ضرورة إتباع الأسلوب الموضوعي فيما تورده من معلومات ولفت النظر إلي ضرورة الأخذ بأسلوب التقويم وهو أهم ما تهتم به هيئات الرقابة لأنه يظهر نتائج العمليات ويتطلب التحليل ولا يقف عند مجرد الوصف وهذا إن دل علي شيء فإنه يدل علي مدى الاهتمام الذي يحاط به هذا التقرير ومدى ما يجب أن يبذل في إعداده من جهد.
6. وفي الختام خصص الجزء السابع لبحث الاختصاصات الرقابية وهنا طالب الإعلان بادئ ذي بدء بضرورة تضمين الدستور أساسا يوضح هذه الاختصاصات ثم تناول بحث نطاق هذه الاختصاصات من حيث الأشخاص والهيئات وأوجب أن تخضع لرقابة الهيئة العليا للرقابة المالية كل ما ينطوي من هيئات تحت مفهوم الإدارة العامة المالية وهو معيار عام وسهل وواسع وجديد يساعد هيئات الرقابة على القيام بيسر بمهمة حصر الهيئات الخاضعة لرقابتها كما أوجب الإعلان أن خضع لهذه الرقابة أيضا الهيئات في الخارج والمشروعات التجارية والصناعية التي تساهم فيها الدول والهيئات المعانة والمنظمات الدولية والفوقومية (Supranational). كما أكد الإعلان على ضرورة مراقبة هيئات التزويد بالمعلومات أليا، مراقبة تكشف عن مدى الجدوى الاقتصادية المتحققة بنتيجة استعمالها لنظام التزويد ومدى ما تحققه من فائدة للدولة وهيئاتها العامة في هذا الجانب منطلقا في ذلك من رقابة الكفاءة والفاعلية ويحول دون التبذير والضياع التي تقع فيه كثير من الدول نتيجة ذلك وبذلك يكون الإعلان قد أخذ بأوسع المعايير في تحديد الهيئات الخاضعة للرقابة العليا مؤكدا في ذلك المقررات والتوصيات التي اتخذتها منظمة الهيئات العليا للرقابة المالية (انتوساي) في مؤتمراتها حين معالجتها لهذا الموضوع كما عالج الإعلان في هذا الجزء أيضا نطاق الرقابة حيث العمليات وأكد على ضرورة مراقبة العقود عامة وعقود الأشغال خاصة موضحا أهم الأسس التي يجب أن توليها هيئات الرقابة اهتمامها وهي المطالبة بمعايير وقياس الأداء والتحقق من سلامة الإنجاز من حيث الكيف وبالشكل الذي يجب ألا تبقى فيه هيئة الرقابة ضمن الإطار المالي لرقابتها فحسب، وبذلك أرسى الإعلان أهم الأس التي يجب أن تقوم عليها متابعة تنفيذ هذه العقود هذا وقد اهتم الإعلان بمراقبة الضرائب أيضا وأبرز بوجه خاص مراقبة مدى تحقق تحصيلها للأهداف العامة للإيرادات وهو يمثل أحدث اتجاه في هذا الجانب ويعتبر تطورا هاما في نطاق مراقبة الإيرادات العامة ويفتح بابا جديدا لرقابة الهيئات العليا أن تعالج ذلك علي مستوى الكميات الكلية والاقتصادية وعلاقتها بالإيرادات العامة ولا سيما الضرائب وقد حرص الإعلان على أن يبرز أيضا نطاق الرقابة من حيث ماهية الرقابة وذلك في حديثه عن مراقبه الهيئات والعمليات مبينا ضرورة الاهتمام برقابة المشروعية إلي جانب رقابة الكفاءة والفاعلية وتوفير الأموال.
ولا شك أننا في وطننا العربي الكبير سوف نجد في هذا الإعلان كثير من الفوائد والمعلومات والمبادئ لتحسين أنظمة الرقابة المالية العليا المطبقة لدينا وجعلها تعمل بكفاءة بأكبر وقدرة أكثر لتحقيق الأهداف المطلوبة منها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق