الرقابة مفهومها وأهميتها
مُـقـدِّمــة
إنه من غير الممكن القول أن الظروف البيئية المحيطة بالمنشأة هي السبب في عدم تحقيق أهداف المنشأة ، كما وغالباً ما تتبلور عن وظيفة التخطيط خطة أو مجموعة خطط واضحة لتحقيق الأهداف المحددة كمياً وزمنياً وهنا قد يتساءل البعض هل وجود خطة يعني أن الهدف قد تحقق ؟ وهل تنفيذ الخطة يعني أن الإنجاز المحقق هو فعلاً الإنجاز المخطط ؟ للإجابة على هذين السؤالين نستطيع القول أن هناك مجموعة احتمالات فقد يتساوى الإنجاز المحقق مع الهدف ، وقد يقل الإنجاز المحقق عن الهدف ، وقد يكون الإنجاز المحقق أكبر من الهدف وأخيراً قد يكون الإنجاز المحقق يساوي صفر ، بذلك نستنتج أن وجود الخطة لا يعني مطلقاً أن الهدف قد تحقق كما أن الإنجاز المحقق قد لا يساوي الإنجاز المخطط لتحقيق الأهداف مما يعني وجود خلل في الموازنة بين الإنجازين ولتحقيق هذا التوازن فإن الوسيلة إلى ذلك هو وجود وظيفة رقابية تتكامل مع وظيفة التخطيط . ولكننا نقرأ في الجرائد يومياً عن الكثير من الأمثلة على فشل مدراء المنشآت في ممارسة العملية الرقابية سواء عن طريق الاختلاسات ، انهيارات الأسواق المالية ، الإفلاس ، ارتفاع التكاليف ، الفساد الإداري… الخ .
فالرقابة ما زالت تعتبر المشكلة الرئيسية للعديد من المنشآت والعملية الرقابية في المشاريع الكبيرة ما زالت عملية معقدة فهي لا ترتبط فقط بالنظام الرقابي و بالهيكل التنظيمي والأساليب القيادية ، وإنما بالخطط والأهداف التي تعتبر القوة المركزية للمؤسسة .
الرقابة مفهومها وأهميتها
* تعريف الرقابة :
يمكن تعريف الرقابة بأنها عملية منتظمة systematic process يتأكد من خلالها المدراء من مدى تنفيذ الخطط وتحقيق الأهداف وباستخدام طرق فعالة وذات كفاءة عالية effective and efficient manner .ويصف Robert J. Mockler الأجزاء الضرورية في العملية الرقابية control process فيقول أن الرقابة الإدارية هي عبارة عن جهد منظم systematic effort لتحديد مقاييس للأداء لتحقيق الأهداف المخططة(1).
ويمكن القول أن كلمة الرقابة قد ترعرعت جذورها مع العالم Frederick W. Taylor عند تبنيه لفكرة الإدارة العلمية في بداية القرن العشرين حيث كانت مهملة لم تكن مفهومة .
ويعرفها البعض بأنها تلك العملية التي تحاول التأكيد على أن النشاطات الفعلية تتلاءم مع النشاطات المرغوب فيها أو الأهداف التي سبق تحديدها(2). فالرقابة تعمل على كشف الانحرافات وتصحيحها كما تزود المدير بتغذية راجعة تساعده في تحديد الأهداف المستقبلية ووضع المعايير أو المقاييس اللازمة .
ويمكننا القول أن الرقابة هي عملية التأكد من أن ما تم التخطيط له هو ما تم تنفيذه وكشف الانحرافات وتصحيحها إن وجدت للوصول إلى الأهداف المحددة مسبقاً ، وبهذا التعريف يمكن استنتاج الآتي :
1- لا بد من وجود هدف مخطط له .
2- أن يكون هناك أداءً مخططاً له .
3- أن هناك أداء سيتحقق عند التنفيذ .
4- سيتم تقيم الأدائين .
5- سيتم كشف الانحرافات .
6- سيتم تصحيح الانحراف بالسرعة المناسبة .
7- التأكد من أن الهدف قد تحقق .
* دور الرقابة (3) : Role of control
تعتبر الرقابة الوظيفة الرئيسية الرابعة للإدارة ومن خلالها يمكن تحقيق الأهداف والخطط الاقتصادية بالإضافة إلى وظائف الإدارة الأخرى وتعتبر التخطيط والرقابة وظيفتين متلازمتين تعتمد كل منهما على الأخرى ولذلك فإن الرقابة تلعب دوراً مهماً في مساعدة المدراء من خلال خمسة تحديات وهي :
1) التغلب على المشكلات والمصاعب في حالات عدم التأكد :
Coping with Uncertainty:
إن الأشياء قد لا تتماشى عادة مع الخطط الموضوعية أو أهداف المؤسسة التي سيتم تنفيذها وتحقيقها مستقبلاً لأن هناك الكثير من العوامل البيئية التي قد تحدث تغييرات مستمرة، ومن هنا نشأت كلمة غموض أو حالات عدم التأكد مثل حالة الطلب على المنتج التكنولوجي، مدى وفرة المادة الخام ، ولذلك ومن خلال تطور نظام رقابي فعال قد يمكن الإدارة من متابعة أنشطتها وتمنحها السرعة في كشف وتصحيح الانحرافات وتحقيق الأهداف .
2) كشف الأشياء غير المنتظمة: Detecting Irregularities
فأهمية الرقابة تتمثل في كشف الأشياء غير المنتظمة أو التي تتصف بالشذوذ والغير مرغوب فيها في المنشأة مثل عيوب المنتجات ، ارتفاع التكاليف، ارتفاع معدل دوران العمل، وبذلك فإن الكشف المبكر للأشياء الغير عادية في الغالب قد يوفر للمنشأة الوقت والمال والجهد ويحد من المشكلات أو المصاعب الصغيرة والتي قد تصبح أكثر تعقيداً لاحقاً.
3) تحديد الفرص . Identifying opportunities
وتتمثل أهمية الرقابة في التركيز أو الإشارة إلى المواقف أو العمليات التي تؤدى بصورة جيدة وغير متوقعة والتي من شأنها أن تنبه وتوجه الإدارة إلى فرص مستقبلية محتملة ، فشركة الاتصالات الفلسطينية على سبيل المثال كانت تعلم جيداً ومن خلال التقارير حجم الطلب الكبير على الهاتف الخلوي ساعدها في وضع استراتيجيات تجارية وتسويقية ناجحة لكل فروعها بل تعدته لتحدد طبيعة الأجهزة المرغوب شراءها ومكان شراءها وحتى كيفية عرضه وكيفية إقناع العميل بحيازته.
4) إدارة المواقف الصعبة Handling complex situations :
قد ينمو ويتسع حجم المنشأة أو ترتبط بمشاريع عمليات كبيرة ومعقدة وبالتالي لا بد من استخدام العملية الرقابية لتعزيز عملية التنسيق coordination ، كذلك فإن العمل في ظل القواعد الدولية غالباً ما يؤدي إلى زيادة درجة التعقيد أو الصعوبات التي تواجهها الإدارة مما يدعو إلى ضرورة وجود نظام رقابي جيد .
5) لا مركزية السلطة . Decentralization Authority
إن وجود نظام رقابي جيد يعزز ويشجع المدراء على اتخاذ قرارات بتفويض السلطات للمستويات الإدارية الدنيا وهذا يعني أن الرقابة تساعد الإدارة في تجاوز المحددات والقدرات الإنسانية ، كما أنها تساعد في عملية التنظيم من خلال الحصول على المصادر المادية والبشرية وتوجيهها نحو تحقيق الهدف .
وأخيراً تتمثل أهمية الرقابة إلى حد كبير في أغراضها وأهدافها من خلال عملية التقييم والمتابعة وتصحيح الأداء فالأنظمة الرقابية تزود الشركة بقوة التوجيه والتكامل والتحفيز وبذلك نستطيع القول أن الشركات التي تتمتع بإدارة جيدة هي تلك الشركات التي تمتلك أنظمة رقابية فعالة والتي من شأنها أن تعزز قدرتها على تنفيذ استراتيجياتها .
* مستويات الرقابة (4) : Levels of Control
إن مسئولية وظيفة التخطيط تختلف باختلاف المستويات الإدارية ولذلك فإن مسئولية وظيفة الرقابة تختلف باختلاف المستوى وبالتالي فإن هناك ثلاث مستويات رقابية تعمل على زيادة احتمالات تحقيق الخطط والسياسات والأهداف المحددة وهي:-
أولاً : الرقابة الاستراتيجية : Strategic Control
وهذا النوع من الرقابة يتضمن مراقبة ومتابعة العوامل البيئية الأكثر تعقيداً والتي يمكنها التأثير وبصورة كبيرة على مدى تطبيق الخطط الاستراتيجية، كما ويتضمن تقييم جوهر أو فحوى الإجراءات التنظيمية الاستراتيجية المتخذة والتأكيد على تنفيذ الخطط الاستراتيجية كما خطط لها ، وتساهم الرقابة الاستراتيجية في وضع خطط رقابية تكتيكية وتشغيلية ، والجدير ذكره أن الرقابة الاستراتيجية تتم وبصورة أساسية من خلال مدراء الإدارة العليا Top-Level Managers الذين يتمتعون بالخبرة وبالنظرة الشمولية لكل أنشطة وأقسام المنشأة المختلفة .
ثانياً : الرقابة التكتيكية : Managerial Control/ Tacticah Control
وهي نوع من أنواع الرقابة التي تقوم بها الإدارة الوسطى Middle Management والتي تركز على تقييم عملية التنفيذ للخطط التكتيكية ، متابعة النتائج الدورية المرافقة لعملية التنفيذ ، متابعة مدى التقدم ومدى تحقيق الأقسام(4) لأهدافها وبرامجها وموازنتها و متابعة التقارير الأسبوعية والشهرية للخطط ، ويمكننا القول أن الرقابة التكتيكية يمكنها المشاركة مع الرقابة الاستراتيجية من خلال تقديم المعلومات المتعلقة بالقضايا الاستراتيجية .
ثالثاً : الرقابة التشغيلية : Operational Control
وهذا النوع من الرقابة يقوم به مديري المستويات الإدارية الدنيا Low-Level Mangers من خلال الإشراف على تنفيذ الخطط التشغيلية ، متابعة النتائج اليومية للأنشطة، اتخاذ الإجراءات الصحيحة عند الطلب، إعداد الجداول، الموازنات ، القواعد ، ومخرجات محددة عادة ما تكون مخصصة للأفراد .
والرقابة التشغيلية تقدم تغذية راجعة عما يجري في المنشأة وعلى المدى القريب وللتعرف أيضاً على مدى تحقيق كل من الأهداف القصيرة والطويلة الأجل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق